مُمَارِسُ الشَكْوَى والتَذمُّرِ بِصُورة مُستَمِرَّة تحتَ مُسمِّى "الفَضْفَضة" بالعَاميِّةِ غايَتَهُ لمْ تَكُن يومًا إيجَادَ حُلولٍ جَذْرية لمُشكلاتِ حياتِه الخاصَّةِ، بقدْرِ رغبتهِ في الحصولِ على مُسْتَمِع سَعيًا لمعرَفَةِ مركزيِّةِ ذاتِه داخِلَ الوجود، وتلقِّيَ العَاطِفَةِ دونَ بذلِ مجهودٍ يُسْتَحقْ، وتوكيدِ صَلاحيَّةِ ذاتِهِ دونَ الإثْبَاتِ عن جَدَارةِ، بِبَسَاطَة الغايَةُ هيَ صنعُ المَركزيِّةِ بالمَجان دونَ أدْنَى تقدُّمٍ.
لا يُوجَدُ إنسانٍ يرغَبُ بتأديَةِ دورِ المُخطِئ، أو الجلادِ، أو المُستبِدِّ، أو الكَاذِب، وإثبَاتُ ذَلك يَتطلَّبُ زمنًا وتصرًّفًا، ولأنَّ الزمنَ قد يُجبرُ المرءُ على الارتِجَالِ نحو مساراتٍ غير مرغوبة تُظهرِهُ بصورةٍ عكس ما يَرغَب، فإنَّ أفضَلُ تصرُّفٍ لتجنُّبِ كلَّ تلكَ المُغامَرةِ هيَ التحايُلَ على الزمنِ والذاتِ، واللجوءَ لتأديِّةِ دورُ الضحيِّةِ والتنصُّلَ من المَسؤوليَّاتِ وإلقاء اللومَ على الوجودِ، كي تتحقَّقُ الصُورُ المَرغوبَةِ دونَ أدنى عناءٍ.
المشْتكي المُزمِن، بحيثُ تُصْبِحُ الشكوى لديهِ "عادة مُستدَامة" ويُعيدُ طرحَ ذاتَ الموضوعِ بشأنِ المُشكلةِ بِنبرَةِ الاسْتِيَاء في كلِّ حوارٍ يُفتَح، دلَّ تصرَّفَهُ على تفضيلِه بِالانْغِمَاسِ فيها أكثَرُ من بذلِ مجهودٍ لوضعِ حدٍ لها، حيثُ يظلُّ مُختِبئًا وراء مِيكانيزمَاتِ الدِفَاعِ بشكلٍ دائم وكُلِّي، لأنَّه لا يُمكن التعرُّفَ على ذاتِه إلا من خِلالِ المُشْكلَةِ الَّتي يُواصُل الادعاءَ بها، عبْرَ تلقِّيَ التعاطُفَ المُنقطِع النظير، وتلقِّيَ العبَارات المُنتَقَاةِ حسْبَ رغبتهِ، بها يَضمَنُ مركزيَّتَهُ وأهميَّةَ ذاتِه داخِلَ نطاقِ الآخرينَ، غالبًا إن تمَّ تقديمُ المُسَاعَدَةِ إليهِ فإنَّ ردِّةُ الفِعْل لا تُؤخذُ بعينِ الإعتبَارِ، ظاهرٌ عليها الجفَاءَ واللامُبَالاةِ، لامُبَالاةً بشأنِ الحدِّ من دوامِ مُعاناتِهِ قبْلَ المُسَاعداتِ العاطِفيِّةِ،
الأمْرَ يُشَابِهُ ظاهرةُ التَألقِ بالعُقَدِ النفسيِّةِ، حيثُ أنَّ مَفهومَ العِلاجِ يعني زَوالَ أهميِّةَ ذواتِهم داخِلَ نطاقِ الآخرينَ، بالتَّالي يَلحقُها زوَالَ المُميٍّزاتِ المَمنوحةِ الناتِجِة عن العاطِفَةِ: مثل انقطَاعِ الدعمِ العَاطِفيُّ، وإنهاءِ الاستثنائيَّاتِ في كلِّ موقفٍ، وإعادةِ ترتيبِ المكانَةِ، وهيَ تُجسِّدُ معانيَ الوِحدَةَ، أسوءُ مخاوِفَ الإنسانِ. عوضًا عن ذلك يَتمُّ التعايُشَ مع العُقَدِ والتَبَاهيَ بها، والحِرْصِ على ذِكْرَهُ في كلِّ منصِّةٍ مع ضمانِ الدِّعمِ العاطِفيُّ والمكانةِ الوهمَيّة.
● مِثال:
● إنسانٌ يُكرِّرَ استياءِهِ من سُوءِ إدارةِ العمَلِ ..
١ - تَعاطُف. ٢ - تقديمُ حلولٍ من شأنها أن تُحقِّقُ التوازن بينَ الثنائي. ٣ - اقتراح وظيفةٍ أخرى في حالِ فشلِ الحل. ٤ - تأقلم مع المعضلة، في حالِ عجزِ عن تطبيقِ الحُلولِ السَابقة.
● إنسانٌ يُكرِّرَ تذمُّره من علاقةٍ سَامِّة.
١ - مُواجَهةُ الطرفِ السَّامِ بشكلٍ جديّ.
٢ - الحثُّ على إنهاء العِلاقةِ فورًا إن تأزَّم الحَالُ.
إنْ لمْ تتحقَّق أيِّة دوافِعَ أو بوادِرَ بشأنِ الحلولِ، بعضها أو جَميعُها بشكلٍ منطقيُّ ومُبَرَّر، فَخُذ بعينِ الإعتبَارِ أنَّهُ لا يرغَبُ بالحلولٍ، بل يَرغبُ بِمُستمِع وفِيٌّ بالتعاطُفِ كيّ يُؤكِّدُ سلامَةِ ذاتِه وخُلوِّهِ من الأنيابِ. وهوَ بصورةٍ لا منَاصَ منهُ عبارة عن مُستَنزِف للوقَتِ والجُهدُ النفسيُّ، مصَّاصُ دماءِ نفسيّ، مُتسَوِّلُ العَاطِفَة. وبالتَّأكيدِ اللِّومُ لا يَقَعُ عليهِ البتِّة، بل على منْ سَمَحَ لهُ بالعُبورِ داخِلَ نِطَاقِه.
لا يُؤمنُ الكثيرَ أن مفهومَ الحيَاةِ قائمٌ على المدِ والجَزْرِ يَنطبِقُ على الجميعِ دون استِثنَاءِ، ثمَّ فكرة ما تَملِكَهُ قدْ لا يَملكِهُ الكثير، وأنَّ تَأخُّرِ خطوةٍ واحدة عنِ الغيرِ يعني أنَّ ثمة خطواتٍ أخرى سبقْتَ بها غيرك، وما توَدُّ بهِ قدْ يكونَ مجرَّدُ فائضٌ، تنَالهُ عندمَا يحينُ وقتَهُ، ثمَّ أنَّ البشَريةِ تلاميذُ المُعاناةِ، نتقبَّلهُا كي يُسهَل علينا تجاوزَهُا لاحقًا هذا إنْ لم تتوفَّرُ القُوَّةُ الكافية لإزَاحَتِها، ثمَّ أننا هنا في الوجودِ على قيدِ التعلُّمِ من خلالِ المُعاناةِ، ولم يَعدُنا أحدٌ أن الحياة مبنيِّةٌ على المِثاليَّاتِ وتحقيقِ الرَّغباتِ بشكلٍ دائم، أخيرًا لا يُؤمنُ الكثير ببَديهيِّةِ العوَاقِبَ، وأنَّها تكمُن وراءَ كلِّ اختيارٍ، وأنَّ ليسَ ثمِّةُ حيلةٍ سوى التعايُشِ معها.
من حينٍ لآخَر نَحتاجُ لِلَحظَةٍ عاطفيَّةٍ مع مُستمِعٍ نَنتقيهِ بعنايةٍ، رغبةً في التنفيسِ أولاً، ثمَّ سعيًا في التجاوُزِ، لأنَّ غيابَ التنفيسِ يعني وقوعَ العُصَابُ لا محالة، وهذَا ليسَ من ضمن ما أشيرُ إليه، إنني أُشيرُ إلى الحالاتِ "المُزمِنَة" للتعبيرِ عن الاستيَاءِ دون تحقيقِ تجاوزٍ فِعلي، بحيثُ يتحوَّلُ الأمرَ من تنفيسِ وتحقيقُ الخَلاصِ، إلى مشاركةِ طقسِ النيَاحَة.
المُبَالغ بالتذمُّرِ بشأنِ مَعاضِله دونَ الإلحَاحِ في اقتلاعِها مثلَ الغريقِ الذي يَستَهدِفُ كلِّ من يَستجيبُ لنجْدَتِه، ولكنِّهُ لا يُقاومِ الغَرَقَ عندما يُمَدُّ لهُ يدُ العونِ، بَلّ يشُدُّ يدُ الآخرِ للغرَقِ معهُ، لأنَّ غايتَهُ ليسَت الانتِشَال من الغَرقِ، بل الاستجابةِ العاطفيِّةُ من قِبَل الآخرينَ بشأنِ حالتِه، من خِلالِها يُؤمنُ بأهميٍّةِ وجودِه، ولو تمِّ إنقاذَهُ، فإنَّهُ يعيشُ ما تبقِّى من عُمْرِهِ يَسْتَذكِرُ حادِثِةِ الغَرَقِ ومآثِرَهُ على الحياةِ والذاتِ في كُلِّ حِوِارٍ.
— مُذَكَّرات فِيتزْجيرَالد، صيفِ ٦ أغسطُس ٢٠٢٣
49 notes
·
View notes
مقال / " جداً .. جداً .. "
د. مصطفى محمود
من كتاب / في الحب و الحياة
إن أسوأ ورطة نقع فيها هى أن يستحوذ علينا أى شىء جداً .. جداً .
حتى الفرح حينما يستحوذ علينا جداً .. جداً .. فإنه يهزنا بما يشبه الحزن .. إننا من فرط خوفنا على هذا الفرح .. و من فرط لهفتنا على أن يطول .. و من فرط ذعرنا من أن ينتهى .. نفرح بحزن .. نفرح بخوف .. نفرح و الدموع تترقرق فى أعيننا ..
إن فرحنا جداً .. جداً .. فرح أليم .. فرح يرتجف .. فرح يبكى ..
و الحب جداً .. جداً .. هو حب مُر غَيور ملتهب أعمى يتعب صاحبه لدرجة أنه ينقلب إلى كراهية و عداوة ..
المُحِب جداً .. جداً .. يكره حبيبته من فرط حبه لها .. لأن حبه يكلفه و يرهقه و يؤرقه .. فهو يتمنى لو أنها تعذبت و تألمت و سهرت و تشردت مثله ..
يتمنى لو أنها كانت على شفا الموت و نادته .. لو أنها كانت تحترق و مدت له يديها لينقذها .. لو أنها كانت تعبده حباً و هو يتمنع عليها .. لو أنها كانت تخلص له و هو يخونها ..
إن عذابه يجعل مخيلته تموج بصور العداوة .. و الإنتقام .. و التشفي ..
إن الحب جداً .. جداً .. حب طعمه مالح لاسع .. إن فيه نفوراً و بغضاً بقدر ما فيه من حب .. إنه لعنة ..
و الثراء جداً .. جداً .. هو فقر مدقع فى نفس الوقت .. فقر فى الحواس ..
حواس الغَنيّ جداً .. جداً .. المترف جداً .. الشبعان .. المتخم .. الدفيان .. تتبلد و تكسل أشواقه .. و لهفاته تكسل ..
و لماذا يشتاق .. و لماذا يتلهف .. و كل شىء بين يديه ..
و الجوع جداً يقتل حتى الإحساس بالجوع .. و ينتهي بموت الحواس .. و بشبع الفناء و قناعة الجدث الهامد ..
و الفقر جدا .. يؤدى إلى الاستهتار و الاسراف و الاستهانة بالرزق من فرط قلته .. و كما يقول المثل .. ضربوا الأعمى على عينه .. قال خسرانة .. خسرانة ولماذا ادخر ، إصرف ما فى الجيب يأتيك ما فى الغيب .
و الشيخوخة جدا تؤدى إلى انحلال العقل .. و العودة بالتفكير إلى سذاجة الطفولة .. و هذيانها .
و الضعف جدا .. يؤدى الى جبروت الشخصية و قسوتها .. و أصحاب العاهات جبابرة .
و أدنياء الأصل طمحون طلابون للعلا ..
و أبناء الوجهاء عواطلية .
و الاغراق فى اللذة يؤدى إلى النفور من اللذة . و الارتداد إلى الدين و الصومعة ..
و الاستقامة بشدة تؤدى إلى الضيق بالاستقامة ..
و كل شىء يزيد على حده ينقلب إلى ضده .
جدا .. جدا ..
هى الجرس الذى يدق لتنقلب الصفات على رأسها .. البركات تصبح لعنات .. و السيئات تصبح حسنات ..
السعادة ليست فى أن يكون عندك الكثير جدا ..
و إنما السعادة فى أن تحب الدنيا و الناس .. و أن تواتيك الفرصة لتأخذ بنصيب قليل من خيراتها ..
إن القليل الذى تحبه يسعدك أكثر من الكثير الذى لا تحبه .
و القليل يحرك الشهية .. بينما الكثير يميتها .. و بلا شهية لا وجود للسعادة ..
و القليل يحفز على العمل .. و فى العمل ينسى الانسان نفسه .. و ينسى بحثه عن السعادة و هذا فى الواقع منتهى السعادة .
و العمل تشحيم ضرورى للعقل و القلب و المفاصل .. و بدون العمل تصدأ المفاصل و يتعفن القلب و ينطفىء العقل .. و ينخر سوس الفراغ و البطالة فى المخ ..فتبدأ سلسلة من الأوجاع يعرفها أفراد الطبقة الراقية .. و يعرفها أطباء الطبقة الراقية ..
و لذلك أعتقد أن أسعد الطبقات هى ال��بقة المتوسطة .. لأنها الطبقة التى تملك القليل من كل شىء ، فهى ليست معدمة مفلسة كالطبقة الدنيا ، و ليست متخمة كالطبقة الراقية ..
و لهذا فهى طبقة التى تملك الدوافع .. و الآمال .. و المطامع و المثل العليا .. و الأخلاق .. و الامكانيات ..
و هى لهذا .. الطبقة التى يخرج منها العلماء و الفنانون و العباقرة و الزعماء و الأنبياء ..
و من فضائل الوسطية أنها تضغط الطبقات و تذيبها فى عجينة متوسطة خصبة ..و تشغل جميع الأيدى بالعمل ..
و لهذا فأنا أشعر بالسعادة .. لأنى رجل متوسط .. إيرادى متوسط .. و صحتى متوسطة .. و عيشتى متوسطة ..
و عندى القليل من كل شىء .. و هذا معناه أن عندى الكثير من الدوافع ..
و الدوافع هى الحياة ..
إنها الرصيد الذهبى لكل المكاسب الورق ..
إنها المتجمد فى خزينة كل إنسان .
إنها المتجمد الذى نفك منه كل يوم الرغبات التى نعيش بها ..
أما الرصيد الحقيقى فهو (الدوافع )
الدوافع فى قلوبنا هى حرارة حياتنا الحقيقية .. و هى الرصيد الذى يكون به تقييم سعادتنا .. لا تسألنى .. هل عندك صحة .. هل عندك ثروة .. هل عندك شهادة .. هلى عندك فرصة .. هل عندك أملاك ..
اسألنى سؤالا واحدا ..
هل عندك دوافع ..؟
فهذا أنا .. و هذه حقيقيتى التى بها تعرف حاضرى و مستقبلى و مصيرى و قيمتى ووزنى ..
و كل منا يوزن بقدر دوافعه و إرادته .. و عزمه .. وإصراره .. و قواه الحافزة ..
إن الذى يملك و فرة من الدوافع مثل الماكينة قوة مائة حصان .. أو العربة ستة سلندر أو الراديو عشرة لمبة أو التيار الكهربائى 200 فولت .
أما الذى يفتقر إلى الدوافع .. و يمتلك كثرة من وسائل الترف ووفرة من الصحة و العمر فهو حتى و لو كان مليونيرا لا يزيد عن ماكينة ضعيفة قوتها الدافعة 2 حصان أو عربة صغيرة 2 سلندر أو راديو ترانزستور أو تيار بطارية واحد و نصف فولت .
الدوافع هى الترجمة الحرفية لكلمة روح ..
عندك دوافع معناها عندك روح .. معناها عندك أمل .. طموح .. حب .. شغف .. شهية .. رغبة .. كل وسائل السعادة ..
أمي لم تكن تفهم الفلسفة .. و لكنها كانت تملك فطرة نقية تفهم معها كل هذا الكلام دون أن تقرأه .. و كانت تطلق عليه اسماً بسيطا فصيحا معبرا .. هو ( الستر )
و الستر معناه فى القاموس الشعبى .. القليل من كل شىء و الكثير من الروح ..
و أنا بعد ثلاثين سنة من التفلسف و قراءة المعاجم و المراجع و المصطلحات .. لم أجد أفصح من هذه الكلمة البسيطة .. الستر ..
و لهذا فأنا أطلبه لك كما كانت أمي تطلبه لى .. و أعتبر أنى بهذا أكون قد طلبت لك كل شىء .
12 notes
·
View notes
ثقب صغير في قفل مهجور ، كم إحتاج من الوقت لكي يمتلأ بالغبار وذرات التراب، وكم إحتاج من الوقت لكي تأتيه الرياح ببذرة من مكان بعيد ولتُغرَسَ البذرة في التراب ثم ليبتل التراب بماء المطر ثم لتبتل البذرة وينتفض جنين البذرة من قدرته ويدب الله الحياة فيه فيخرج من ثقب القفل بعد حين نباتا أخضراً زاهي المنظر ..
نقول لمن ضاقت بهم الأرض بما رَحُبت وزلزلوا زلزالا شديدا، وقست عليهم الأيام وضاقت بهم الأوطان وضاقت عليهم أنفسهم وكادوا يقنطون من رحمة الله، نقول لهم لا تقنطوا من رحمة الله فإن الله يجعل البعيد قريبا ويجعل المستحيل سهلا ميسورا، فعَمِّروا قلوبكم بالإيمان الصادق، فالإيمان كفيل أن يطرد القنوط من صدوركم ويملأها ثقة بالله العزيز القهار .
11 notes
·
View notes
فمن البشر ما هم أشر من الشيطان
بقلم الكاتبة/رحاب السيد
لا يغرنك معسول الكلام ولا يغرنك حسن المظهر
فالأفعى تختبئ تحت الازهار.
علي الإنسان أن يهتم دائما بالنظر والتجول داخل الإنسان
وليس خارجه، فكثير حولنا ذوى مظاهر لامعة وروائح نفاذة تشدك وتجذبك نحوهم، لكن إحذر يا صديقي عليك ألا تنخدع في تلك المظاهر.
عند معرفتك لشخص ما عليك التجول داخله كي تعلم إمكانية صلاحيته لمرافقتك، فليس كل ما حولنا جميل، وليس كل جميل حقيقي في جماله ومناسب لنا.
عليك أن تتأكد أن العالم ليس ملئ بالأشخاص الجيدون
فالعالم أربع أجزاء، ربع حسن وثلاثة أرباع سيئون، فتوخى الحذر.
لا تندفع إلى مرافقة الأشخاص، عليك التفكير جيدا قبل اتخاذ قرار الرفقة وتذكر دائما أن الوحدة خير من جلساء السوء، فإن لم تجد من هو حسن فكن رفيقا لنفسك ولا تنسى أن الراحة في اعتزال الناس.
دائما تأتى المصائب نتيجة الاختلاط بالبشر، لا أقول بهذا أن الحياة الاجتماعية سيئة وليست مهمة، ولكن أؤكد فقط على حسن الاختيار والتمهل وعدم التسرع في الإندماج مع الأشخاص قبل محاولة معرفتهم جيدا حتى تتفادى أى مشاكل متوقع حدوثها بمرافقة السيئون.
هناك من البشر من يحمل أكثر من شخصية، تختبئ عادة شخصية مجهولة تحت شخصية ظاهرة وكأنها غطاء، عليك يا صديقي محاولة كشف الغطاء عن تلك المجهولة أولاً قبل اتخاذ قرار المرافقة وإلا فعليك تحمل الصدمات.
لا تنخدع بجميل الكلام وأعلم أنه وراء كل كلام كلام.
حاول جاهدا قراءة ما بين السطور فهناك سطور ليست واضحه إلا للفطناء.
كن فطينا، تحلى بالحكمة، كن متمهلاً.
إبحث دائما عن الوجه الخفى للشخصية ومن ثم تنجو من وجوه مزيفة ومظاهر خداعة، فمن البشر ما هم أشر من الشيطان.
بقلم الكاتبة/رحاب السيد "عطر اللافندر".
28 notes
·
View notes