اليوم أشعر بأنني لستُ أنا أبداً، أفتقدُني جداً، أفتقد تفاصيل كثيرة كانت تخُصّني، تلاشى بريقي المعتاد وفارقتني ضحكتي التي كنتُ أسمع وِقعَ صداها في أُذُني، أفتقد روحي التي تغيّرت وبدَت غريبة عنّي، أفتقد أيام ولحظات مضت ولن تعود مجدداً، أفتقد مشاعري القديمة، اشتياقي وحنيني ولهفتي، لا أدري حقاً ما أصابني اليوم تحديداً، بدَوتُ على غير عادتي أبحث عن شيء ما ينقصني، أنظر لنفسي في المرآة ولا أعرفُني، هذي عيناي وأنفي وهذا فمي أيضاً، لكنني أشعر أنني لستُ أنا، أبحث حولي عمن أخبره بأن يجدُني، فلا أجد أحداً، حتى أصدقائي لم يعودوا كما كنت أراهم سابقاً، كل شيء تغيّر، عالم غريب أشعرَني بغُربتي، ذكريات تسكُنني لكنها ظلت حبيسة الماضي، قلوب كثيرة كانت بجواري، لا أجد سوى طيفُها يحوم حولي، أبحث عن شخص كان يسكن بداخلي، كُسرَ قلبه ذات ليلة، بعضُ داخلي المحطّم قضى على كُلّي، أشي��ء كثيرة كانت تعيش بي أفتقدها، يا الله لماذا أشعر بأنني فارغة؟!
أنا التي كنتُ من امتلائي أفيض على من حولي، أين غادرَ الجميع وأين غادرتُ أنا أيضاً؟!، كنتُ صديقة الجميع، لماذا أشعر بأنني غريبة عن هذا العالم والناس، غريبة حتى عن نفسي، لا أحد يتقبّلني ولا أنا أتقبّلني ...🌱
❞ «لا يمكنك أن تملك حصَّةَ اليوم والأمس معًا، لا يمكنك أن تعود إلى ما كنتَ عليه في الماضي، وتبقى كما أنت عليه الآن. لا بدّ من الاختيار. السعادة واحدة ليس سواها. لا يمكنك أن تملك الشمس والقمر معًا». ❝
كل إنسان ضروري إنه ينفصل عن بيته/أُسرته في مرحلة متقدمة من حياته، دي أكتر حاجة ساعدتني وحسّنت مني ومن مشاعري ومن علاقاتي على كل المستويات وخصوصًا مع أُسرتي. وبفتكر دايمًا دونالد ميلر لما قال: على الجميع أن يغادروا منازلهم، ومن ثمَّ يعودوا إليها ويحبونها مجددًا، لأسبابٍ جديدة.
تبتسمين في رِقة، وتخبريني أنّي ضعيف، هش. تقولين في دلال لا يتناسب أبدًا مع كلماتك أنكِ كارثة، لا أحد يستطيع أن يحمل بداخل قلبه كارثة مثلك، تحديدًا لو كان ضعيفًا، هشًا.
هل تعلمين بأنني كل يوم جمعة بعد الصلاة أبتاع الفلافل الساخنة والجرائد، عندها أطلب من الرجل ترشيح رواية رومانسية لكاتبة، وكل مرة أذهب إليه يرشح لي روايات (سلمى سلمى سامح الدين) وتحديدًا رواية (نوح).. تبًا له!
لكني حاولت في كل مرة أن أختار روايات أخرى، كنت أريد أن أقرأ قصة غير قصتنا، كنتُ في كل أبطال رواياتك يا سلمىٰ، كنتُ بطل روايتك الأكثر مبيعًا، كانت تفاصيلنا بداخل قلوب كل مَن يقرأ لكِ. لكنها كانت محاولات فاشلة، لم أقع في غرام كاتبة غيركِ، وستظلين دائمًا كاتبتي المُفضلة.
كنتُ ولا زلتُ أشعرُ بأنّ الصباح رفيقٌ للنفوس الطموحة، الساعية للإنجاز بلا كَلَل، التي مهما خابت ظنونها شحنَت نفسها من جديد بالأمل، وتشرّبَت الفأل الحسَن توقُّعًا ليومٍ أفضل، وغَدٍ أجمل، فهي تتنفّس الحياة برئة جديدة مع بداية كل يوم مُستشعرةً معنى "والصُبح إذا تنفّس" - شروق القويعي