أنت لا تُدرك .. كيف يحميك الله بالمنع والتَّأخير من قرارات بنيتها في بالك، غذاؤُها الوهم والانبهار ولو أنَّكَ صَبَرتَ لاستَرَحت، وأحسنتَ التسليم لأمنت، وحسن يقينُكَ لَقِنِعت بأنَّ ربُّ الخير لا يأتي إلا بالخير وأنَّ الإنسانَ خُلِقَ عَجولا، يحبُّ تقديمَ ما أَخْرَ اللَّهُ مِن الفرج كي لا تنقطع أسباب العافية عنه أبدا، ويحب تأخير ما قدم الله من البلاء كي لا تمسه أسباب الشقاء في يومه أبدا قدَرُكَ مُلاحِقُكَ، وقضاؤُكَ واقع عليك والمكتوب لك لا يضيع طريقه إليك، وقد يُحمَلُ لكَ على ظهر ما لا تُطيق، فهون على نفسك، وتخفف من جزَعِكَ، وَالصَّبرُ سِنام الصالح من العمل ورزقُكَ خلف بابك، والباب لا يُفْتَحُ على ضعف ووهن حتَّى تُبتلى، وتُصقَل ، وتتجلد ، وتتمكّن ، وتُمسي أهلاً لاستقبالِ نِعَمِ لو أتتك على ضعف لفتننك، لكن الله أخرها رحمةً ورأفة بك.
لقد عشت لأدفن رغباتي وأرى أحلامي وقد تآكلت بالصدأ، ولم يبق الآن سوى نيران عقيمة تحرق قلبي الفارغ إلى غبار. ضربته سحب القدر القاسي، تاج إزهار الصيف الخاص بي أصبح وحيدا�� وحزيناً، أشاهد وأنتظر وأتساءل عما إذا كانت النهاية قريبة. كما غزاها الهواء البارد الأخير عندما يصفر الشتاء في الريح وحيداً على غصن أجرد، تُركت وراءه ورقة مرتجفة.
احد اشهر الكتاب الروس فكان في ادبه عبقرية كتابية فوق عبقرية, تشتهر أعماله بأسلوبها الأدبي الذي يتميز بمزيج فريد من الواقعية والرمزية. أسلوب تشيخوف مزيج من " التعبير المختصر والبصيرة النفسية". كان قادرًا على التقاط جوهر الحياة اليومية في قصصه ، مع نقل المعاني والرسائل الأعمق أيضًا. كان قادرًا على نقل الكثير من الرسائل باستخدام كلمات قليلة جدًا. ، مما سمح له بإنشاء تأثيرات قوية ببضع كلمات فقط. كما أنه استخدم السخرية والفكاهة لتأثير كبير في قصصه ، وغالبًا ما يستخدمها لإثارة نقاط خفية حول الطبيعة البشرية أو المجتمع, غالبًا ما تضمنت قصص تشيخوف شخصيات كانت تكافح مواقف أو عواطف صعبة ، مثل الشعور بالوحدة أو اليأس. كان قادرًا على التقاط هذه المشاعر بطريقة شعرت بأنها حقيقية ومرتبطة بالقراء. غالبًا ما كان ابطاله بلا بطولة أناس عاديون لكننا نتعاطف معهم جدا ونشعر بأنهم قريبين منا ،استخدم تشيخوف أيضًا الرمزية على نطاق واسع في قصصه ، وغالبًا ما يستخدمها لنقل معاني أو رسائل أعمق عن الحياة والمجتمع, كل هذه العناصر مجتمعة تشكل الأسلوب الأدبي الفريد الذي جعل أنطون تشيخوف واحدًا من أكثر الكتاب الرائعين في كل العصور...
كتب الشاعر والكاتب الباكستاني ( مرزا أديب ) المتوفى سنة 1999م في كتابه "المصباح :
ذهبت الى دلهي في الستينات للعمل، وفي أحد الأيام نزلتُ من الحافلة ثم فتشتُ جيوبي لأتفاجأ بأن أحدهم قد سرقني ، وما كان في جيبي حين سُرقت سوى تسع روبيات ورسالة في ظرف كنت
قد كتبتها إلى أمي ومحتواها : لقد فُصلتُ من العمل يا أمي ، و لا أستطيعُ أن أرسل لك هذا الشهر مبلغ الخمسين روبية كالمعتاد وأرجو أن تسامحيني .
مضت أيام وصلتني رسالة من أمي توجست خوفاً حينها ، وقلت في نفسي: لا بد أنها تطلب المبلغ الذي اعتدت إرساله إليها،لكني عندما قرأت الرسالة احترت كونها تحمل شكرها ودعواتها لي قائلة : وصلتني منك 50 روبية عبر حوالتك المالية، كم أنت رائع يا بني، ترسل لي المبلغ في وقته ولا تتأخر بتاتاً رغم انهم فصلوك من عملك، أدعو لك بالتوفيق وسعة الرزق دائما يا بني .
وقد عشت متردداً محتاراً لأيام.. مَنْ يا ترى الذي أرسل هذا المبلغ إلى أمي؟!! وبعد أيام وصلتني رسالة أخرى كتب فيها صاحبها :
حصلت على عنوانك من ظرف الرسالة، وقد أضفتُ إلى روبياتك التسعة،إحدى وأربعين روبية كنت قد جمعتها سابقاً، وأرسلتها حوالة مالية إلى أمك حسب العنوان الذي في رسالتك
، وبصراحة فإني قد فكرت في أمي وأمك، فقلت في نفسي: لماذا تبيت أمك أيامها طاوية على الجوع وأتحمل ذنبك وذنبها؟؟
تحياتي لك، أنا صاحبك الذي انتشلك في الحافلة فسامحني
- الخلاصة : ستجد لصوصاً من عامة الشعب أشرف من لصوص الحكومات التي تنهش من لحم المواطنين وهي ترفع الشعارات الوطنية .وتسرق لقمة المواطن وتسبب الحرمان والجوع والفقر والقهر وكأنّها تجرّدت من الإنسانية .
لم أكن أعرف فقط كيف أصير شريرا وإنما ظللت لا أعرف كذلك كيف أصير أى شئ يذكر على الإطلاق : لا شريرا ولا طيبا ولا دنيئا ولا شريفا ولا بطلا ولا حشرة . والأن ها أنذا أنهى مسيرتى فى هذه الحفرة .... دوستويفسكي