ودعيني اليوم أخرج عن المألوف قليلاً، أو حتى كثيراً!، دعيني أُداعبكِ بطريقتي الخاصة، بادئ ذي بدء قد أقول، تختلفين عن القهوة في أنها سوداء، وأنتِ بيضاء!، وهذه مُداعبة خفيفة، من النوع الذي لا يُرضيكِ، وأنا - يا ذاتي أنا - لا أُحبُ ما لا يُرضيكِ!
دعيني أغوص قليلاً في تلك الأعماقِ، فعلى سبيل المثال قد أقول، "لازلتُ أحلمُ بيوم أعتلي فيه تلك المرتفعات، أو أحتضن تلك الجبال، حتى ولو حُتِم عليَّ أن أعبر بحراً من النيرانِ!"، وهنا مُداعبة - لكِ - مُفضلة!
والآن أنتقل بكِ إلى مجالٍ آخر، ففي اللُغة العربية، بعض الكلمات تتشابه في الحروف، وفي المعنى تختلف، فكلمة مُسْكِر وكلمة مُسكَّر، نفس الحروف ولكن تأتي الأولى بمعنى ما يُحْدِثُ دَوَرَاناً فِي الرَّأْسِ وَيُفْقِدُ وَعْيَ شَارِبِهِ، بينما تأتي الثانية بمعنى ما حُلِّيَ بالسُّكّر، وإذا تركنا اللغة، وإنصب تركيزنا- كالعادة - عليكِ، نجد أن كُل كلمة بإختلاف معناها، تصفكِ!، بل إنهما في حالة وصفكِ يحدث بينهما تناغم غريب، ذو طعمٍ - مثلكِ جداً - لذيذ!
أوتعلمين أني قد أحتضنكِ!، نعم فعِباراتي هُنا تحتضنكِ!، وكلماتي هناك تُقبلكِ!، هذا حديثٌ قد يُنعت بالحِلم المُحال، أو يقال - عنه - محض خيال !، وأنا - صراحةً -لستُ بمهتم بكل ما قِيل أو يُقال!، فكيف لمن لم يُنصت لتلك النبضات، أو يقرأ تلك النظرات، أن يُلم ولو بشئٍ من ذلك الجمال!، نعم أجمع من الحروف كلمات، ومن الكلماتِ أنسجُ صوراً وأصيغُ عِبارات!، وأنتِ كغزالةٍ شاردةٍ تركض في البراري القاحلة!، نعم تركضين في قلبي - البراري القاحلة - فتنبتُ وديان خضراء، وتجري جداول ماء، تصدح - فيها - البلابل وتسود الفراشات!
كاذبٌ - أنا - كعادتي، أدعي أنني أنسج الكلمات تارةً، أو أرسم اللوحات تارةً آخرى، وواقع أمري أنني أمام طيفكِ هزيل القلم مرتجف العِبارات!
وختاماً، أقتبس كلمات نزار حين يقول: "مطرٌ يغسلني أنتِ، فلا تحرميني من سقوط المطر!، بصري أنتِ وهل يمكنها أن ترى العينان دون البصر!"
لماذا عاش هذا الرجل 27 عاماً منقطعاً عن العالم في غابة؟
في عام 1986 كان كريستوفر نايت في العشرين من عمره عندما قاد سيارته إلى غابات ولاية مين حيث هجر السيارة وأخذ معه معدات أساسية للتخييم، هكذا دخل الغابة منذ 27 عاما، وببساطة لم يخرج منها ثانية.
بالنسبة لنايت كانت الغابة هي المكان الذي يريد أن يكون بيته ويقضي فيه حياته، فنصب خيمته قرب إحدى البحيرات، واستقر هناك.
كريستوفر نايت
وقد زاره الكاتب مايك فينكل في سجنه لدى تأليفه كتاب "غريب في الغابة: القصة غير العادية للناسك الأخير"، وسأله: لماذا أدار ظهره للعالم، وذهب ليعيش وحده تماماً؟
الكثيرون لا يحبون الوحدة التي تعد لغيرهم مصدراً للنشوة والسعادة، وفي هذا الإطار علم شابنام غرويل الصحفي في بي بي سي بحكاية الأمريكي الذي أدار ظهره للحياة المعاصرة منذ كان في العقد الثاني من عمره ليعيش في غابات ولاية مين، وقصة الناسكة التي تعيش في براري اسكتلندا.
في عام 1986 كان كريستوفر نايت في العشرين من عمره عندما قاد سيارته إلى غابات ولاية مين حيث هجر السيارة وأخذ معه معدات أساسية للتخييم، هكذا دخل الغابة منذ 27 عاما، وببساطة لم يخرج منها ثانية.
البحيرة التي يسكن نايت بجوارها
وكان نايت يحصل على احتياجاته بالسرقة من الكبائن الموجودة في الغابة، ومركز اجتماعي هناك، وكان يسرق ما يحتاجه فقط من الغذاء، ووقود الطبخ، والملابس، والأحذية، وبطاريات للمصابيح، والكثير من الكتب، وحاول تقليل حجم الخسائر التي يتسبب بها قدر المستطاع.
ولكن عدد السرقات في المنطقة، والذي تجاوز الألف عبر السنين، أثار قلقا.. وأخيراً نجحت الشرطة في نصب فخ له واعتقاله متلبسا.
مخيم كريستوفر نايت
فأجاب قائلا إنه لم يكن يشعر بالراحة وسط الناس. يقول فينكل: "سألته: هل ارتكبت جريمة؟ هل هناك ما يضايقك وسط الناس؟ فأكد أنه ليس هناك أي شيء من هذا القبيل، مشيرا إلى أن الرغبة في الوحدة مثل قوة الجاذبية، فكل جسده يقول إنه يشعر بالراحة وحده".
لقد كانت تلك الرغبة قوية جدا لدرجة أنه فضل قضاء نحو 3 عقود دون أن يتحدث إلى أي شخص، ولكنه صحح المعلومة قائلا: "لقد قلت هاي لأحد المارين بالغابة يوما ما".
ورغم شتاء ولاية مين الأمريكية القارس حيث تصل درجة الحرارة إلى 20 درجة تحت الصفر إلى أنه لم يشعل نارا أبدا طلبا للدفء حتى لا يلفت الانتباه.
ويقول فينكل: "لو ذهبت في ليلة شتوية إلى غابات مين للتخييم ولم توقد نارا فستثير الإعجاب، فلو فعلت ذلك لأسبوع فسوف تثير الذهول، أما لو فعلت ذلك لشهر فسيكون الأمر غير قابل للتصديق، ولكن هذا الرجل فعلها لـمدة 27 عاما".
وقال نايت لفينكل إنه كان ينام مبكرا في حوالي السابعة مساء ويستيقظ في الثالثة فجرا، وهو أبرد وقت، ليمارس الرياضة حتى الصباح ليظل دافئا.
وسأله فينكل كيف كان يقضي وقته؟ فأجاب قائلا إنه كان يقرأ قليلا ويحل الكلمات المتقاطعة، ولكن أغلب الوقت كان يمارس ما يمكن وصفه بـ "اللاشئ".
فإذا كانت فكرة الجلوس لنصف ساعة على مكتب دون عمل شيء مزعجة قليلا، فتخيل أن هذا الوضع في الغابة لأيام، وأسابيع، وشهور، وسنين.
ويقول فينكل: "عندما سألت نايت أن يشرح لي هذا اللاشيء أبلغني بأمور مثيرة، أولها أنه لم يشعر قط بالملل طوال هذا الوقت، وأنه لم يكن وحيدا أبدا فقد كان يشعر أنه مرتبط بكل شيء حوله، فلم يكن يعرف أين ينتهي جسده وأين تبدأ الغابة، لقد كان يشعر بوحدة مع الطبيعة والعالم".
قضى كريستوفر نايت 7 أشهر في السجن بتهمة السرقة، مفضلا خلالها عدم التحدث لأي صحفي إلا مايك فينكل.
بقلم _مايسة إمام
أنا كافر بكل كلمة
فيها السم متداري
وكل أسود لابس أبيض
وعنكبوته عشش جوه داري
وكل نبضة بتتلوى
كماأفعى فـ الـ-براري
أنا كافر بكل وش مغشوش
راسم الطيبة مجرد رتوش
وفـ -لؤمه ولا حد يباري
تشوفه يقولك أنا فـ حالي
منيش طمعان ولا عاوز
ولا.لحدوي بتجاوز
وطمعه سيل جارف جاري
أنا سافر لبرقع الحيا دا معاه
لازم يكون عاري
لكل حجة هيقولها أنا معافر
ومن كل اللي على دينه
أو المله أنا نافر
يعلى صراخ…
هزمتْ كل شيء .. الذكريات ، النسيان ، التظاهر ، الإختباء ، الهروب والصمت .. أطلقتْ سراحَ نفسها فراحت روحُها تجري بلا سرجٍ في براري هذهِ الحياة .. لم يكلفها ذلك شيئاً .. فقط الصراخ ثم الصراخ ضد الوقت .