أشعر في الصباح بأنني لا أريد للحياة أن تنتهي، أنني فقط أريد لتلك الحياة البائسة أن ترحل عني، ليأتي المساء محملاً برغبة جديدة في الانتحار. الاكتئاب يقبض بأنيابه على رقبتي، يفقدني القدرة على التنفس، ويفقدني الرغبة في المحاولة. أشعر بأن حياتي سلسلة من فترات متواصلة من الاكتئاب، فترة تسلّم أخرى، وأنا ما بينهما أحاول أن أجدّ معنى للحياة، وأحاول أن أتذكر شكل ابتسامتي أمام المرآة. أتوقف عن زيارة طبيبي النفسيّ لأنني لمدة شهور كنت أقاوم فكرة أنه لا يستطيع ��قديم المزيد، حتى استطاعت الفكرة أن تعرف طريقها إلى الإقناع، لكنني أشغل يومي بالكثير من الأشياء كي أتوه بين تفاصيل الحياة عن الرغبة في الموت. أمارس طقوس الحياة، أتناول الطعام كي أسكت صوت معدتي، وأتحدث كي أكسر ضجيج الصمت. أضحك إن استطعت، وأبكي إن استطعت، وأتظاهر بالاهتمام أملاً بأن ذلك التظاهر سيقودني من جديد إلي الشعور بالشغف تجاه أيّ شيء. تفقد الأشياء معناها، يموت كل يوم بداخلي شعور جديد ليتركني للفراغ كي يتسلّي على ما تبقي بداخلي من الأمل. لمدة شهور، كانت تطول كل يوم سلسلة الأشياء التي أريد أن أشتريها، وتقل الأموال التي أمتلكها، لكن الأموال فقدت قيمتها بالتدريج حتى أصبحت أبذر الأموال في أشياء تافهة بعد أن فقدت الرغبة في شراء أشياء سأتركها.
أجلس في فراشي محملة بالألم، ممتلئة عن آخري بالحزن، ومشحونة بالأسى. أنظر إلى جدران الغرفة أستنطقها، أنتظر منها أن تسحقني كما اعتادت، لكنها تختار الحياد تلك المرة، لتتركني في نوبة بكاء أعلم أنها ستنتهي بتناول جرعة زائدة من أيّ دواء أجده أمامي.
لمدة ثلاث سنوات، بعد أن لمست يد الموت، قاومت الانتحار بكل الطرق الممكنة، أذهلت أطبائي النفسيين واستطعت أن أغلق على أفكار الانتحار الباب بمفتاح ألقيته نحو السماء، لكن المفتاح وجد طريقه إليّ من جديد. ها أنا، أتذكر كل محاولات الانتحار السابقة، تسقط دموع الهزيمة على وجهي، بعد أن آمنت لسنين متتالية أن حياتي لن تكلل بالانتحار.
لشهور بعد آخر محاولة انتحار، كنت أظن بأنني سأظل ميتة حتى يأخذ ملك الموت روحي لينهي تلك المأساة، لكنني عرفت الطريق إلى حب النفس، والرضا، والسلام، ونحو أشياء كنت أظن أنها لا تناسبني كالسعادة والأمل.
الانتحار، كلمة سهلة على لساني، عصيّة على لسان البعض، لكنها كلما خرجت من فمي تكاد تفتك بي في لحظتها. كلمة واحدة تمثّل أصعب القرارات في الحياة، أن تختار أن تذهب إلى الحافة بين الحياة والموت وتلقي بنفسك من هناك.
على فراشي، أراني أتحرك نحو حافة الجبل، أبكي رحلتي في الطريق، ألقي بزادي على الأرض، ضحكتي الصاخبة، ودموع الامتنان، والقصة التي لم أنته من كتابتها، وأول "بحبك" قيلت لي، وأول "بحبك" قلتها، والأمان الذي شعرت به بجانبه، وبقايا قلب منكسر، وابتسامة كانت تعرف طريقها إلى شفتيّ كل صباح. أتحرر من ملابسي قطعة قطعة، أطلق العنان لشعري، أخلع الحذاء وأشعر بشوك يدمي قدميّ، شوك أفكار لن تعرف طريقها إلى الآخرين.
أصل على طرف الحافة، تحاوطني السماء، وتنتظرني الأرض، أنظر إلى الله في السماء وأبكي، وأنظر إلى الأرض وأبكي، أنتظر إشارة من العالم كي يخبرني أنه لم يحن أواني بعد، لكن الصمت يصدمني.
أجلس على حافة الجبل، متحررة من كل شيء إلا نفسي، أنتظر إشارة من الله، إشارة واحدة كي أعود أدراجي أو كي أحتضن الموت الذي لطالما وددت التقرب إليه.
أعود إلى غرفتي، إلى فراشي، إلى الحياة التي تلتهمني على مهل، وإلي الجسد الذي لم يعد يشبهني، أنظر إلى دخان سيجارتي، وأتمنى أن يكون بإمكاني ولو لمرة أن أكون مثله، أتبع الريح أينما تذهب، دونما الشعور بأن هناك شيئاً أفضل ينتظرني على الناحية الأخرى.
هذا فصل في مؤانسة الغياب واعتياد الموت وتوأمته بالحب، وفي الحنين إلى ما ذهب ولكنه ما ذهب، وفي تردد الروح وتواطؤ القلب، وفي تعداد خصائل النفس وفي اشتياق النسيان وفي تورّد باحات القبور.
هذا فصل في ملاحقة ما فات بعد أن فات، وفي استذكار ما مضى لمّا مضى، وفي الندم على الفرص الضائعة إثر ضياعها وفي ملاحقة آثارها، وفي بلسمة أرواح عليلة قبل أن تمضي لعلها تبقى لكنها لن تبقى، لعلها تعي لكنها لن تعي، لعلها تباغت لكنها لن تباغت، لعلها تصل لكنها قطعت حبال الوصل، لعلها نعم لكنها لا.
هذا فصل في التودد والمماحكة، في الاستجداء والمناكفة، في التحبب والموائمة، في استنكار التنصل، وفي استيفاء الواجبات، في استذكار الأيام الخوالي، وفي نفض الغبار عن الصور القديمة، وفي استيعاب العبر، وفي استخلاص مواطن الذكريات وآلام الابتعاد.
هذا فصلٌ في توطين النفس على استعياب الموت، وفي انتظار لقاءٍ آتٍ.
تبتعد خطوتين عن كل خطوة، وتتفلسف عن الزيف والأصالة
تحب ألمك، لأنه فارغ، وخفيف، مع أنك تسميه أحيانًا ثقلًا وجوديًا
لكني، لست غبيًا، للدرجة التي أعتقد فيها أنك لا تعرف هذا
ترفض بإصرار الحب المهدى إليك، ثم تشتكي الوحدة، ليس لأنك، كما سيخبرك الطبيب النفسي من أول جلسة، تظن لا تستحقه، ولا لأنك تعشق وحدتك سرًا، ولكن لأنك لا تتحمل تكلفته (الحب، ككل الأشياء، لا يأتي، دون ثمن)
تبتعد خطوتين عن كل خطوة، وتتفلسف عن الزيف والأصالة، لأنك ترجو أن تشعر يومًا، أن هناك من يظن أنك تستحق الملاحقة (أو على الأدق، أنه يدرك ما يروط فيه روحه)
تحب ألمك، لأنه فارغ، وخفيف، مع أنك تسميه أحيانًا، ثقلا وجوديًا، لكن الثقل في ألم آخر، ألم غير فارغ ، وغير خفيف، وما من سبيل لتهدئته، وتآلمك على ألم فارغ، وسيلة للحفاظ على استقراطية المعاناة، بجعلها، بشكل مراوغ، اختيارية، وربما، شاعرية (فقليلة هي الجراح اللبقة)
من السهل، القول، أن علينا الرضى بكل جميل آت
ومن السهل أيضًا القول، أن الجريح، لا يؤلف قصيدة عن فتوة القطار المندفع على جسده
من السهل القول، أن هكذا هي الحياة، لكنك تعلم كيف من السهل، أيضًا، بناء جسور خيالية مهيبة من الفراغ إلى الفراغ (فالمعنى ليس مبتدأَ، و لا مآلَا، ولا ما يتخللهم)
هناك شئ تحتاجه لا تبلغه البلاغة
والحكمة، التي تبحث عنها، بطبيعتها، غير رواقية (فالرواقية هي كسل الحكمة)
وأنا، مثلك، منتبه، تمامًا، لمن هو على وشك أن يقول لي، شيئًا بسيطًا جدًا، ذا معنى
شهر ٦ وقت حزين عندي فالاغلب ومتعلق بالفقد انهاردة الصبح لقيت عصفورة ميتة فالبلكونة،انا بآمن بالعلامات عمومًا.
خسرت صديق وشريك كان الاقرب لفترة طويلة اتمنى نعرف نلاقي طريق فيوم ونرجع.
الدنيا دلوقتي فترة سكوت طويلة مبيقطعهاش غير الكام كلمة الضروريين للأستخدام اليومي مع الناس شيئ لطيف انك تندمج مع حد طول الوقت بس بعد ما بيمشي زي ما فالاغلب بيمشو مفيش حد سكوت وفراغ..
3 notes ·
View notes
Statistics
We looked inside some of the posts by
me-nnaallahibrahem
and here's what we found interesting.