Tumgik
#كتابة قصة سردية قصيرة
belabeeb · 4 months
Text
0 notes
amd-zaroui · 4 years
Text
تنشأ القصة كما ينشأ الكون من بداية، قدرة محيطة، أو انفجار، ترسم زمنها وتدور فيه ومن خلاله، لتصنع مجالا جاذبا، يرسم عبداللطيف السعد نشأة القصة ويتعقب مسيرتها قبل أن يشرع في كتابة القصة الخاصة به، عتبة تقول أنه يجب علينا استكشاف الطريق قبل السير فيه.
السرد بالسرد والجروح قصاص، يستطيع الكاتب أن يعبر عن وجدانه، أن يسترسل في مونولوج عائم على لسان شخوصه، أن يجسد معاناته على الورق دموعا، لكن أن ينسلخ من جلده ويأخذ مسافة من ذاته ويضم نفسه إلى طابور متداعي من حاملي القلم ليبدع في إستجلاء مصير الكتابة وضريبتها فهذه عبقرية مستحيلة، تستطيع ككاتب أن تكتب قصة داخل قصة، لكن أن تنشأ نواة سردية قابلة للإنشطار والتوالد إلى ما لانهاية تموت لتنبعث من جديد فقد ملكت الزمن الروائي وشكلته بمخيلتك بلا حدود تقيد عملك الإبداعي
في هذه القصة يبرهن عبداللطيف السعد على قدرة الخيال البشري في تطويق الحكاية وإمتلاك صهوة السرد وتطويع الفضاء الزمني والمكاني لصالح ديمومة الحكاية البشرية.
تنشأ القصة كما ينشأ الكون من بداية، قدرة محيطة، أو انفجار، ترسم زمنها وتدور فيه ومن خلاله، لتصنع مجالا جاذبا، يرسم عبداللطيف السعد نشأة القصة ويتعقب مسيرتها قبل أن يشرع في كتابة القصة الخاصة به، عتبة تقول أنه يجب علينا استكشاف الطريق قبل السير فيه.
يقول Abdullatif Al Saad
[ثلاثة كُتَّاب أو أكثر - قصَّة قصيرة]
أي شيء يُمكن أن يكون البداية، صفعة على الوجه.......سكِّير يترنَّح....ورقة مُكرمشة... أعقاب سجائر...أجواء حارَّة فوق رأس امرأة تشحذ...أشكال العلامات التجارية....وربَّما حتى اللا شيء نفسه، إنه يسميها نُقطة الانطلاق، النقطة التي يبني حولها الزَّمن من اليمين والشمال.
حتى يكتُب قصَّة كل ما يحتاجه حدث صغير يُسميه (بذرة) وربما حتى اللاحدث نفسه، ثم يبدأ في الترميم الزمني بشكل دائري فوق الفكرة، وخطي بالنسبة للزمن في اتجاه عائد للخلف وآخر يسير للأمام.
لم تكن الموهبة هي الشيء الذي كان يتمتَّع به، كانت حاجةً ملحَّةً بالخلق، بمحاكاة الألوهة، بصناعة الأقدار، حاجة فائقة ربما تضطره للجلوس ساعات وأيام والتَّحديق في الجُدران للبحث في الشُّقوق عن بقية الحدَث المتوقف أو النهاية الصحيحة لأحداث مُختلقة،
تخرُج القصَّة أحيانًا طازجة، حارَّة جدا ولذيذة، وأحيانًا باردة ومأكولة، لكنها جميعًا قصص، وكون أننا نقر بأن القصة قصة فذلك يستدعي أنها لا تتفوق على أختها في شيء مهما تباينت الأحداث، المهم أن هناك سردًا ما قد آخذ مجراه إلى نهايته ولا يهم أبدًا ماذا حدث إلا إذا حدث، هكذا كان يقول (مُعمِّر) كلما شعر بأن قصة ما هي أفضل من أختها، واحدة سيضعها في أوَّل كتابه الجديد، وثانية سيبيعها لأحد المشاهير المدِّعين الذين يستغلون فاقة الأقلام المغمورة، وثالثة يستأثر بها لنفسه، وكلَّما تملكته الحيرة، حيرة الأب تجاه بناته وهو يفاضل بينهن، تذكَّر أنه لا قصة أفضل من أختها، وإذًا سيكون الاقتراع.
كان يهتم بشخصياته جدا، يحب أن يجعل النظيف نظيف والقذر قذر، إذ لا عدالة سوى على الورق، بعض النهايات عادلة وبعضها تُكتب بمنطق الحياة، المهم أن يكتب كل يوم قصة، ويخرج لبيعها في نهاية الأسبوع لسد نفقاته، سرد طويل وتنميق وإعادة لصور فارغة، قصص حُب وغرام لا تكتمل وأُخرى تنتهي نهاية سعيدة، قصص كوميدية، وأحيانًا جنسية حسب متطلبات السوق، القصة التي يكتبها الآن عن شخصية اختلقها كانت بذرتها معطف مثقوب يرتديه رجل عجوز في محل كُتب، اسم الشخصية (سامر)، تتحدث القصة عن سامر الرَّجل الأناني الأهوج، في تجربة مريرة مع استنزاف طاقات كل ما يُحيط به، رجل يعيش ويعبُد نفسه، يصنع صنمًا من عجوة في الصباح لنفسه وإن مات جوعًا فلن يأكله، يسير ويدوس بالنفوذ على كل من يتخطَّى طريقه، كان معمِّر أيضًا يؤمن أن اختلاق شخصية من العدم أمر شبه مُستحيل، لذلك فكتابة قصة تعني إعادة ترتيب ما رأيناه في الحياة على الورق باستعمال الخيال، لكن هذا الشخص (سامر) لم يستطع معمر ربطه بأي من الشخصيات التي عرفها أبدًا، كان سامر متسلطًا جدا، ويمكنه استعباد أي شيء يقف أمامه، الحُب لا يعني له سوى امرأة سيشتريها، الابن لا يعني له سوى شهادة ميلاد تُشبه عقد عقاري لامتلاك شقة، ولا أحد ينفذُ أبدًا من سُلطته، ظلت الأحداث التي تخص سامر تشغل معمر كل ليلة فهذه القصة خرجت عن نطاق التأليف إلى مناط الوحي، طالت هذه القصة حتى امتدت شهورًا في كتابتها، ومعمر ينتظر مزاجية سامر حتى يتحرك في رأسه ليكتب تحركاته، أصبح سامر تاجر سلاح وقاتلًا، كان معمر خائفًا مم يمكن أن تؤول إليه قصة سامر، عندما ينام يفكر كثيرًا بأمره، هل سيتوب مثلًا في النهاية؟ هل سينتقم منه أحد من مظاليمه؟ هل سيموت موتةً عادية؟، طيب ماذا إذا كان سامر هذا الغول يستحق الشَّفقة؟ ماذا إذا كانت طفولته ضارية وبشعة؟، حاول عندها معمر العودة بالماضي لمعرفة تاريخ سامر لكنه لم يستطع الوصول لأي شيء، كان معمر ينظر أحيانًا للورق الذي يحمل قصة سامر الذي اختلقه من خياله ويفكر بإحراقه، لكنه سرعان ما يرتعد ويتراجع متخيلًا وجه سامر الحانق.
تملَّك الخوف معمر، صار يفكر كثيرًا باحتمالات ما سيصنعه سامر، سامر الغول المتمرد على الجميع حتى على كاتبه، صار سامر الآن يختفي كثيرًا ويظهر قليلًا بأحداث ضئيلة غير مفهومة يحاول معمر كل ليلة فك شيفراتها وتأويل علاماتها، مرة يتبرع ببناية للفقراء ومرة يبكي من أجل شحاذ من غير معطف وأحيانًا يعود للعربدة وعمليات السلاح والاختطاف، ومعمَّر يكاد ينفجر، لكن لم يكن هذا أشد ما لقيَه معمر في هذه القصة، المرير الآن أن سامر غاب شهرًا كاملًا دون أن يظهر، الأمر الذي زرع الجنون في عقل معمر، تراه ماذا يفعل الآن ؟ رددها معمر كثيرًا وهو يطوف في الغرفة جيئةً وذهابًا مثل المجنون.
في ليلة دامسة ظلماء جاء سامر كنقطة ضوء صغيرة آتية من الأعماق البعيدة في عقل معمر، جاء يمشي وبقعة الضوء تكبر شيئًا فشيئًا، ومعمر يحدق من بعيد ويُمسك بالقلم في ارتقاب المدمنين للجرعة من بعد جفاف ليكتب أي شيء في قصته العطشاء، اقترب سامر رويدًا رويدًا، جاء بحُلَّة جديدة، تحوَّل عن تجارة السلاح لمهنة جديدة، مهنة كاتب قصص.
كاد معمر أن ينفجر من البكاء، لكن على ماذا سيبكي؟ لا يوجد مبرر إذا سألته زوجته عن سبب تلك الدموع، أصبح الآن سامر التائب والعائد بحلته الجديدة يظهر كثيرًا في وحي معمر، يكتب سامر كل ليلة، يكتب عن شخصية ضعيفة حقيرة لا تجد ما تفعله سوى اللوم، سوى أن تشتكي من حالها ومن حزنها وتندب ماضيها وتبكي على أطلالها، فطن معمر لمدلول هذه الشخصية، أسماها سامر (سراج)، وأدرك معمر أن هذه الشخصية الحقيرة مكتوبةٌ عنه بشكل ملتوي ورمزي، كان سامر يكتب كل ليلة ويعود لينبش في حياة معمر القديمة، أصدقاؤه وقصصه العاطفية وانكساراته وطفولته المهمشة، كل شيء الآن في يد سامر الذي يعيش في عقل معمر ويتربع فوق كل تلك الملفات، أصبحت الشخصية الجديدة (سراج) في كل ليلة تقترب من نهاية كان يخشاها معمر دائمًا ويراها في أحلامه، واستطاع سامر بحرفية كتابية متفوقة أن يجعل الأحداث تسير في خط زمني مقارب تمامًا لمخاوف معمر.
حاول معمر قتل سامر كثيرًا وكتابة نهاية سريعة لقصته حتى يتوقَّف هذا السرد عن النزيف وعن النبش في حياة معمر الذي أصبح يغوص ويعود إلى أماكن محظورة؛ كان معمر نفسه قد تناساها بصعوبة بالغة، لكن سامر حتى بعد توبته النصوح كان لا يزال يتمتع بسُلطته الغير مفهومة والتي لا يخرج عنها أحد ولا حتى معمِّر نفسه.
ظلت المحاولات الكتابية من كلاهما في تراشق والتواء تأخذ شكل حربٍ باردة، لكنها ساخنة على كليهما، حاول كل منهما أن ينتصر على الآخر وأن يكتب نهايةً تقتلُ قصة الثاني، كانت سباقًا سريعًا جدا مع الزمن، سيفوز فيه من يكتب نهاية الثاني ليسبقه بذلك بإخراج قصته أولًا والقضاء على أمل الثاني، ولأنها دائمًا عند الكاتب حرب إيجاد النهاية والتفوق الكتابي فكل منهما كان يعرف ماذا يعني الانتصار في هذه الحرب.
في صبيحة يوم مُشرق بسماء صافية شديدة الزُّرقة، وربيع جديد كأنه رضيع حديث الولادة جاء خبر موت معمِّر، بعد أن وُجدت جثته ساكنه فوق المكتب ممسكًا بقلمه الرخيص وبجانبه أوراق قصة سامر الذي مات أيضًا دون أحداث سردية مفهومة لموت كلاهما، ظن البعض أن معمر قد جن جنونه بسبب هذه القصة وانتحر، لكن جثته كانت سليمة والطب الشرعي لم يُثبت حالات تسمم، لم يفهم أحد لماذا مات معمِّر ولماذا كتب هذه النهاية السريعة المُقتضبة لسامر، لكنني كنتُ أعرف السبب؛
لقد تعلم سراج كتابة القصص.
4 notes · View notes
Tumblr media
القصة القصيرة جدا..قراءة في (ليالي الأعشى) بقلم ذ. الكبير الداديسي - موطني نيوز  تقتضي سنة التغيير ابتداع أشكال تعبيرية تناسب تطور المرحلة، ولعل من أكثر الأجناس الأدبية  حداثة في الفترة المعاصرة ذلك الجنس الذي يطلق عليه القصة القصيرة جدا، والذي غدا يراكم نتاجا دون أن يلتفت إليه النقاد بالنقد والدراسة- خاصة الجيل المسكون بالمؤلفات الموسومة بأمهات الكتب-   اليوم وبعد رحلة طويلة في متون الرواية، وبتشجيع من إدارة مهرجان ابزو السياحي والثقافي التي التمست مني تقديم قراءة في محموعة (ليالي الأعشى) لعبد اللطيف هدار، وجدتني أركب مغامرة قراءة هذه الكتابات الجديدة المسماة قصة قصيرة جدا، لأول مرة أقدم قراءة في مجموعة قصصية كاملة رغم ما أتابعه يوميا من تغريدات  قصيرة على شبكات التواصل الاجتماعي ورغم الحرص على مواكبة كل جديد في الإبداع الأدبي، وعلى الرغم من توصلي بعدد من الإصدارات  من المغرب وخارجة فقد ظل في الأعماق تردد يحول بيني وبين  مقاربة  هذه الكتابة المجهرية الزئبقية المنفلتة من  المعيارية المدرسية والتي يكاد يكون الاتفاق حول ما يفردها من خصائص تتلخص في قصر الحجم ، والإيحاء، التكثيف، والنزعة السردية الموجزة،  الرمزية المباشرة وغير المباشرة مع اعتماد التلميح بدل التصريح و السعي إلى  تجريب قول كل في شيء جمل قصيرة موسومة بحركية  غايتها توتير المواقف  وتأزيم الأحداث في كتابة مبنية على  الحذف والاختزال عبر بلاغة الانزياح والخرق الجمالي. وهو ما يجعل منها كتابة نعرفها ولا نستطيع أن نعرّفها، بل  لا زلنا نختلف حول تسميتها وتجنيسها بين من يطلق عليها اللوحة، الومضة، المشهد، الخاطرة، المقطع ، الشذرة... أنها كتابة  أشبه ما تكون بهايكو سردي، فرضه زمن السرعة ، ليتماشى وزمن السندويش وال SMS   ويقدم للقارئ وجبة سريعة مكونة من سطر أو جملة سردية ، وقصة أحيانا  اقصر من عنوانها  فتجد عنوانا مشحونا بالدلالات والإيحائات التي لا تنتهي وتحته  قصة قزمية مكونة من جملة ، أو جملتين...    صغر الحجم  يحيل اللغة سهاما مصوبة نحو الهدف، ويجعلها لغة منزاحة عن وظيفتها  التواصلية وهو ما يفرض على النقاد تغيير أدوات القراءة التقليدية، والبحث عن بدائل في مقاربة  هذه الكبسولة المكثفة، والمادة زئبقية التي تنفلت من قارئها قبل الإمساك بها،  تحدث به زلزلة تتلاشى سريعا ذبذباتها ما أن يقلب الصفحة  كما السفينة ترج مياه البحر لتعود المياه لهدوئها بمجرد مرور السفينة...  أول ما شخص أمامي لما  توصلت بعنوان الأضمومة (ليالي الأعشى)  لعبد اللطيف الهدار فتحت لي مداخلها المغرية أفق انتظار واسع جدا،  وشخص أمامي كتاب ( صبح الأعشى للقلقشندي) تلك الموسوعة الضخمة (14 مجلدا)  فانتظرت مجموعة عنوانها ليالي  مجموعة ضخمة الحجم ( خاصة الليالي جاءت مفردة وقبل صبح (مفرد في كتاب القلقشندي)  ولعل  أهم ما شرع  أفق انتظاري  محيطا بلا ضفاف هو هذا المركب الإضافي الذي شكل عنوان الأضمومة (ليالي الأعشى)  والذي وردت فيه كلمة (الليالي) جمعا وفي أعماق النفس  رنين لنصوص غائبة كثيرة يتقاطر الليل فيها مفردا دلالات بشحنات سالبة  تحيل على  الهموم ، الصبابة، الأرق، المرض  الوحدة ....  سواء في الثقافة العالمة  منذ أن قصد امرؤ القيس أولى قصائد العرب  وضمنها ربط الليل بالهموم  في قوله : ولَـيْـلٍ كَـمَـوْجِ الـبَـحْـرِ أَرْخَـى سُـدُوْلَــهُ  +++     عَــلَـيَّ بِـأَنْـوَاعِ الـهُــمُــوْمِ لِــيَــبْــتَــلِـي فَــقُــلْــتُ لَـهُ لَـمَّـا تَـمَــطَّــى بِـصُــلْــبِـهِ  ++++      وأَرْدَفَ أَعْــجَــازاً وَنَـــاءَ بِــكَــلْـــكَــلِ ألاَ أَيُّـهَـا الـلَّـيْـلُ الـطَّـوِيْــلُ ألاَ انْـجَـلِــي  ++++      بِـصُـبْـحٍ، وَمَــا الإصْـبَـاحُ مـنِـكَ بِأَمْثَلِ ومن عاصروه  كقول النابغة يشكو طول الليل وتكالب الهموم والخزن عليه عند قوله: كليني لهمٍ ، يا أميمة َ ، ناصبِ   +++    و ليلٍ أقاسيهِ ، بطيءِ الكواكبِ تطاولَ حتى قلتُ ليسَ بمنقضٍ   +++      و ليسَ الذي يرعى النجومَ بآيبِ و صدرٍ أراحَ الليلُ عازبَ همهِ   +++    تضاعَفَ فيه الحزْنُ من كلّ جانبِ ولعل من اشهر القصائد التي ربطت الليل بالمرض والألم قصيدة المتنبي التي يقول فيها :   وزائرتي كأن بها حياء    +++         فليس تزور إلا في الظلام فرشت لها المطارف والحشايا   +++    فعافتها وباتت في عظامي يضيق الجلد عن نفسي وعنها   ++++      فتوسعه بأنواع السقام  وهي نفس الأفكار تردد في الثقافة الشعبية  حيث ليل العاشق والمريض طويل لا ينتهي من ذلك أغنية (ليلي طويل) ليونس ميكري  وهذا الموشح الذي يتحدى في الشاعر طول الليل ياليل طل أو لا تطل  +++   لا بد لي أن أسهرك لو بات عندي قمري   +++   ما بت أرعى قمرك  في كل تلك التجارب حضر فيها الليل مفردا. فكيف ستكون مجموعة قصصية  لشاعر مغربي تضمن عنوانها (الليالي) جمعا خاصة إذا ما أضيف لتلك الليالي إيحاءات ( الليالي ) في الثقافة الشعبية المرتبطة بزمهرير فصل الشتاء أما إذا ما أضيف ( الأعشى) لليالي فالمأدبة أكيد ستصبح أكثر دسما  إثارة للقرم ولشهية القراءة  إذا ما استحضرنا ما ارتبط بالأعشى في الثقافة العربية  كشاعر رمز للطرب والغناء فهو (صناجة العرب) السفر  والخمر    بل يعد الأعشى أشعر شعراء فقد سئل حسان عن أشعر الناس فقال "الزّرق من بني قيس بن ثعلبة" وهو يقصد الأعشى . والعرب تجمع على أن اشعر الناس امرؤ القيس إذا ركب، والنابغة  إذا رهب، وزهير  إذا رغب، والأعشى إذا طرب.  إن تاريخ الأدب العربي مليئ بحكايات الأعشى والخمر ولعل أطرفها ما جاء في رسالة الغفران للمعري ، إذ يحكي ابن الفارط سارد (رسالة الغفران) أن الرسول (ص) بعد  حساب يوم البعث  سمع رجلا يستغيث والزبانية تسحبه إلى سقر، فأرسل عليا ليتقصى الأمر، فلما عاد علي أخبر رسول الله أنه الأعشى روى مدحه فيك وشهد أنك رسول الله . فقال الرسول هلا جائ��ي في الدار السابقة  فقال علي : جاءك لكن صده حبه للخمر  فشفع له الرسول ودخل الجنة ...  أضمومة (ليالي الأعشى) للزميل الهدار وبهذه المداخل المغرية قد تخيب أفق انتظار قارئها الباحث عن الحجم الكبير  وهو يتأمل اسم الكاتب (الهدار) صيغة مبالغة في العامية المغربية تعني كثير الكلام (الهدرة) ، و عند العرب ما وصف شيء بالهدار إلا دل على المبالغة فيقال صَوْتٌ هَدَّارٌ : مُجَلْجِلٌ قَوِيٌّ / ومَطَرٌ هَدَّارٌ : هَاطِلٌ بِقُوَّةٍ / سَيْلٌ هَدَّارٌ : مُنْدَفِعٌ بِقُوَّةٍ/ عَاصِفَةٌ هَدَّارَةٌ : هَوْجَاءُ ، عَنِيفَةٌ /خَطِيبٌ هَدَّارٌ : عَنِيفُ اللَّهْجَةِ وَالْكَلاَمِ... فهل من علاقة بين بين هذا الاسم وعنوان المجموعة ( ليالي الأعشى ) الذي يجعلنا نفترض  أن رؤية الأعشى في الليالي ضبابية فإذا كان الأعشى الضعيف البصر بالكاد يميز شخوص الأشياء  في واضحة النهار فكيف ستكون رؤيته ليلا ؟  ماذا سيرى الأعشى ليلا وهو أعشى؟  عند تصفح الأضمومة  يطافهرسة الكتاب تطالعك فهرسة ب  52 قصة قصيرة جدا وهو عدد أسابيع السنة لا وألف لا ليس هذا صدفة عند من يؤمن حتى الثمالة باستحالة وجود كتابة بيضاء... أما عند  قراءة أول جمل في المجموعة (أصابه القنوط بعد دعة ...)  وأول جملة في آخر نص (نورس كئيب يبكي عربة البحر..) يتلخص ما بين الجملتين، وتتأكد كل الفرضيات والمعاني السالبة المرتبطة بالليالي،  فباستثناء قصيدة  (عرفان) ولأنها مهداة لصديق عزيز الأضمومة تهيمن عليها نزعة تشاؤمية سالبة تعكس عجزا واضحا عن التأقلم مع متغيرات العصر، وغربة يعشها ساردو وأبطال اللوحات، وهي نزعة تكاد تميز الإبداع الأدبي العربي في لحظات التأزيم السياسي والاجتماعي، هيمنت في الشعر الأندلسي غداة سقوط الأندلس فألفينا الشعراء يجيدون البكاء والتفجع على سقوط المدن وسقوط الأندلس،   وهيمنت في العصر الحديث عقب النكبة، وغداة النكسة، وها هي تطفو من جديد في الإبداع العربي منذ السقوط الثاني  لبغداد وتتكرس بعد  الرجة المسماة ربيعا عربيا  وارتداداتها المتكررة وهي أزمات لا يقل تأزيما كل تلك النكبات السابقة، لذلك جاءت  المجموعة لتعبر عن ذبذبات الشنحات السالبة التي استشرت في واقع ما بعد سقوط بغداد فكانت حبلى بكل المعاني  المرتبطة بالسقوط والانكسار/ ويكفي إلقاء نظرة على فهرست الأضمومة لتقف أمامك شاخصة كل تلك المعاني، ((دهشة/ دهشة أخرى/ غيم /اكتئاب/جدب/غبن/غيض من فيض/فراغ/جمرة العطش/سقوط/جنوح /سوء تقدير /شرخ/حرب خفيفة/مسافة/نفي/جزاء سنمار/كواليس/المشؤومة/صيام/ردة/خارج التغطية/إلا اللمم/نقار الخشب  )) وسط كل هذه القتامة يظل الشاعر وحده نقطة  منيرة بيضاء تستحق تتويجا في نظر الكاتب يقول في قصيدة (عرفان) التي اهداها لصديقه عبد العزيز أمزيان الاسم الوحيد المذكور في المجموعة (توجته شاعرا بميزة ملاك) .. قد يتساءل سائل عن  جدوى وفائدة الملاك وسط كل هذا الدمار... الجواب: وكأننا المجموعة تتغيى الرد على من يدعي انتهاء زمن الشعر، وأن الشاعر لم تعد له وظيفة في هذا العالم الموغل في المادية، وتأكيد أننا اليوم أحوج ما نكون للشعر والشعراء، لأنهم وحدهم القادرون على إذكاء جذوة الشعور الميت فينا، في عصر لا يعرف الأفراح ، والأفراح فيه تجهض قبل ولادتها:       فهذا نقار الخشب قبل أن ينتشي بالخرم الذي أحدثه في الجدع يسقط عليه الجدع ويرديه قتيلا والعملاق  قبل أن ينتشي  بالجلوس على العرش يصدع سقف الحجرة ليتهاوى عليه المبنى ولادة رمز الخصوبة تصاب بعقم مريع ناتج عن اكتئاب فضيع هذه أمثلة تصور كيف صار واقعنا مسخا لا يعيش أزمة قيم فقط بل انقلبت فيه كل القيم رأسا على عقب: فغدت الصداقة خيانة، و السعة ضيقا  الدعة قنوطا والحكمة عبثا و(صار القبو بهوا)  و(الاحتفال يتحولا مأتما ) انه زمن الجحود ونسيان  القيم (الرجل ينسى أنه صائم) ( تقدم نحوها يلوك علكة ويطلب منها جرعة ماء بحسم ردت عليه أنا صائمة )  وحتى المتنفس لافتراضي يصبح فيه الفيس بوك حماما شعبيا هيهات يرقى إلى مستوى "حمام لعيالات"  ليالي الأعشى هي نظرة أعشىى ورصد مع سبق الإصرار للتشوه الذي أصاب هويتنا وغرائزنا فأصبح النسيان سمتنا أصبحنا ننسنا الفطرة فينا، يقول ( نسيت أن أنام ) وإذا نام (لم يستفق إلا بعد أن تعفن) هذا التشوه لم يقتصر على المكتسب فينا وإنما أصاب العرائز بما فيها غريزة أصل بقائنا على هذه الأرض غريزة الجنس  الضامن الوحيد لاستمرار الجنس البشري والغريزة التي قامت من أجلها حروب ودمرت حضارات أصبحت في زمامنا عديمة الجدوى وإذا زارته المرأة ليلا (عادت من حيث أتت وفي جوفها ظلت جمرة العطش متقدة) ليتلذذ بمغازلة الموج  ويقتات من ملوحته وكأنه يتنكر للرجولة والفحولة التي لم يعد لها معنى ...     هذه هي  ليالي الأعشى، الأعشى  لذي لا يميز بين الأشياء، الأعشى الموجود في النص يرقب فجرا في كلكل الظلام  يغمره إحساس بالوحدة والغربة  ( بقيت وحدي بعد عشرة) إحساس يجعل الفرد يتمنى لو كان بدون عقل (تمنيت لو كنت معتوها)     قراءة المجموعة إذن تكشف عن ارتباط بين معاني القنوط الضيق الظلام الضيم الحزن الاختناق وكل المعاني المشحونة بدلالات سالبة والمختزلة في (الليل )  وبين  الرغبة في التجدد والانعتاق وانتظار هذا الصبح الذي يترقبه الأعشى من خلال تبني شكل جديد في التعبير، يمتاز بتكثيف المعاني، وتحويل الكلمات إلى رموز مشبعة بالدلالات... ليالي الأعشى تشعر القارئ أن الكلمات عاجزة عن نقل كل المعاناة لذلك لاذ السارد بالصمت واكتفي بالإشارة أمام شساعة الفراغ وهول الجلل...  فبين أول جملة في أول نص بالمجموعة ( أصابه القنوط) أول جملة في آخر نص (نورس كئيب يبكي غربة البحر ) تتلخص حكاية الأعشى المعاصر خاصة وأن لفظة الأعشى لم تذكر في المجموعة إلا في النص الأول والنص الأخير... إنه حزن ووعي شقي لا تقدم المجموعة أسبابه، ولا تبحث له عن حلول وإنما تعيشه عبر معاقرة الأتراح والآلام بحثا عن فرح مستحيل وهنا كان يمكن أن تدخل الأسطورة لتعطي لهذا البحث معنى وجوديا، كان يمكن إدراج الرمزية لتحفيز العلاقة بين الدوال والمدلولات لكن الكاتب اختار لغة مباشرة تزع نحو لغة رومانسية تجيد التفجع والشكوى وهي معان ممعنة في الضعف والاستسلام تعكس بحق واقع مثقف عاش ما اتخنه من نكبات  ما بعد سقوط بغداد والربيع العربي واقع لما تأمله  ( طالعه وجه عربي بئيس وخريطة شاسعة تحت رحمة المقص) ص49 ليجد نفسه مجبرا على أن يحيا هذا العبث... بك بساطة (ليالي الأعشى) تعبير عن زمن الرداءة الميديوقراطية حيث النفوذ فيه للتافهين الذين أجبروا المبدعين على التراجع إلى الظل والاكتفاء بتدخين المفاهيم وفي كل واد يهيمون لا حياه فيه لمن ينادون...  
0 notes