Tumgik
newlifehope · 26 days
Text
تسمية المسيح الدجَّال:
قال أهل العلم: سُمِّي الدجَّال الأكبر بالمسيح؛ لأنه ممسوح العين، وقيل: لأنه يمسح الأرض؛ أي: يقطعها ويطوفها كلها إلا مكة والمدينة في مدة قليلة؛ (مسلم بشرح النووي، جـ1، صـ512).
الدَّجَالُ: فَعَّال مِن الدَّجْل وهو التغطية، وسُمِّي دجَّالًا؛ لأنه يُغطي الحق بباطله؛ (فتح الباري لابن حجر العسقلاني، جـ13، صـ97).
ويُسمَّى أيضًا المسيح الدجَّال، والأعور الكذَّاب، وقد سمَّاه النبي صلى الله عليه وسلم مسيح الضلالة؛ تفرقةً بينه وبين نبي الله عيسى صلى الله عليه وسلم.
نبيُّنا صلى الله عليه وسلم يُحذِّرنا من الدجَّال:
(1) روى البخاريُّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: ((مَا بُعِثَ نَبِيٌّ إِلَّا أَنْذَرَ أُمَّتَهُ الأَعْوَرَ الكَذَّابَ، أَلا إِنَّهُ أَعْوَرُ، وَإِنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بِأَعْوَرَ، وَإِنَّ بَيْنَ عَيْنَيْهِ مَكْتُوبٌ كَافِرٌ))؛ (البخاري، حديث: 7131).
قال الإمام محمد شمس الحق العظيم آبادي (رحمه الله): قوله صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بِأَعْوَرَ))؛ أَيْ: أَقَلَّ مَا يَجِبُ عَلَيْكُمْ مِنْ مَعْرِفَةِ صِفَاتِ الرُّبُوبِيَّةِ هُوَ التَّنْزِيهُ عَنِ الْحُدُوثِ وَالْعُيُوبِ لا سِيَّما النَّقَائِصُ الظَّاهِرَةُ الْمَرْئِيَّةُ؛ (عون المعبود شرح سنن أبي داود، جـ11، صـ299).
(2) روى أبو داودَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ سَمِعَ بِالدَّجَّالِ فَلْيَنْأَ (أي: ليبتعد) عَنْهُ، فَوَاللَّهِ، إِنَّ الرَّجُلَ لَيَأْتِيهِ وَهُوَ يَحْسِبُ أَنَّهُ مُؤْمِنٌ فَيَتَّبِعُهُ، مِمَّا يَبْعَثُ بِهِ مِنَ الشُّبُهَاتِ))، أَوْ ((لِمَا يَبْعَثُ بِهِ مِنَ الشُّبُهَاتِ))؛ (حديث صحيح) (صحيح أبي داود للألباني، حديث: 3629).
(3) روى أحمدُ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: ذُكِرَ الدَّجَّالُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقالَ: ((لأَنا لِفِتْنَةِ بَعْضِكُمْ أَخْوَفُ عِنْدِي مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ، وَلَنْ يَنْجُوَ أَحَدٌ مِمَّا قَبْلَها إِلَّا نَجَا مِنْها، وَمَا صُنِعَتْ فِتْنَةٌ مُنْذُ كَانَتِ الدُّنْيا صَغِيرَةٌ وَلا كَبِيرَةٌ، إِلَّا تَتَّضِعُ (تخفض رأسها) لِفِتْنَةِ الدَّجَّالِ))؛ (حديث صحيح) (مسند أحمد، جـ38، صـ334، حديث: 23304).
(4) روى مسلمٌ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلالٍ، عَنْ رَهْطٍ، مِنْهُمْ أَبُو الدَّهْمَاءِ وَأَبُو قَتَادَةَ، قَالُوا: كُنَّا نَمُرُّ عَلَى هِشَامِ بْنِ عَامِرٍ، نَأْتِي عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ، فَقَالَ ذَاتَ يَوْمٍ: إِنَّكُمْ لَتُجَاوِزُونِي إِلَى رِجَالٍ، مَا كَانُوا بِأَحْضَرَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنِّي، وَلَا أَعْلَمَ بِحَدِيثِهِ مِنِّي، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ: ((مَا بَيْنَ خَلْقِ آدَمَ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ خَلْقٌ أَكْبَرُ (أي: فتنة) مِنَ الدَّجَّالِ))؛ (مسلم، حديث: 2946).
فائدة مهمة:
لماذا لم يُصرِّح القرآن بالمسيح الدجَّال على الرغم مِن عِظَمِ فِتنته؟
قَالَ الإمام ابنُ حجر العسقلاني (رحمه الله): اشْتَهَرَ السُّؤَالُ عَنِ الْحِكْمَةِ فِي عَدَمِ التَّصْرِيحِ بِذِكْرِ الدَّجَّالِ فِي الْقُرْآنِ مَعَ مَا ذُكِرَ عَنْهُ مِنَ الشَّرِّ وَعِظَمِ الْفِتْنَةِ بِهِ، وَتَحْذِيرِ الْأَنْبِيَاءِ مِنْهُ، وَالْأَمْرِ بِالِاسْتِعَاذَةِ مِنْهُ حَتَّى فِي الصَّلَاةِ، وَأُجِيبَ بِأَجْوِبَةٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّ المسيحَ الدَّجَّالَ قد ذُكِرَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ ﴾ [الأنعام: 158]، روى التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((ثَلَاثٌ إِذَا خَرَجْنَ ﴿ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ ﴾ [الأنعام: 158]، الْآيَةُ: الدَّجَّالُ، وَالدَّابَّةُ وَطُلُوعُ الشَّمْسِ مِنَ المَغْرِبِ «أَوْ» مِنْ مَغْرِبِهَا))؛ (حديث صحيح) (صحيح الترمذي للألباني، حديث:2456).
الثَّانِي: قَدْ وَقَعَتِ الْإِشَارَةُ فِي الْقُرْآنِ إِلَى نُزُولِ عِيسَى بن مَرْيَمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ ﴾ [النساء: 159]، وَفِي قَوْله تَعَالَى: ﴿ وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ ﴾ [الزخرف: 61]، وَصَحَّ أنه الَّذِي يقتل الدَّجَّالَ، فَاكْتَفَى بِذِكْرِ أَحَدِ الضِّدَّيْنِ عَنِ الْآخَرِ، وَلِكَوْنِهِ يُلَقَّبُ الْمَسِيحَ كَعِيسَى لَكِنَّ الدَّجَّالَ مَسِيحُ الضَّلَالَةِ، وَعِيسَى مَسِيحُ الْهُدَى؛ (فتح الباري لابن حجر العسقلاني، جـ13، صـ98).
صفات الدجال:
(1) روى أبو داودَ عَنْ جُنَادَةَ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، أَنَّهُ حَدَّثَهُمْ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((إِنِّي قَدْ حَدَّثْتُكُمْ عَنِ الدَّجَّالِ حَتَّى خَشِيتُ ألَّا تَعْقِلُوا، إِنَّ مَسِيحَ الدَّجَّالِ رَجُلٌ قَصِيرٌ، أَفْحَجُ (في رجليه اعوجاج)، جَعْدٌ (خشن الشعر)، أَعْوَرُ مَطْمُوسُ الْعَيْنِ (أي: ممسوحة)، لَيْسَ بِنَاتِئَةٍ (مرتفعة)، وَلَا حَجْرَاءَ (منخفضة)، فَإِنْ أُلْبِسَ عَلَيْكُمْ، فَاعْلَمُوا أَنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بِأَعْوَرَ))؛ (حديث صحيح) (صحيح أبي داود للألباني، حديث: 3630).
(2) روى البخاريُّ عَنْ حُذَيْفَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ فِي الدَّجَّالِ: ((إِنَّ مَعَهُ مَاءً وَنَارًا، فَنَارُهُ مَاءٌ بَارِدٌ، وَمَاؤُهُ نَارٌ))؛ (البخاري، حديث: 7130).
(3) روى مسلمٌ عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّ الدَّجَّالَ مَمْسُوحُ الْعَيْنِ، عَلَيْهَا ظَفَرَةٌ غَلِيظَةٌ (جِلْدَةٌ تُغْشِي الْبَصَرَ)، مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ كَافِرٌ، يَقْرَؤُهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ، كَاتِبٍ وَغَيْرِ كَاتِبٍ))؛ (مسلم، حديث: 2934).
قالَ الإمام ابنُ حجر العسقلاني (رحمه الله): قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: ((يَقْرَؤُهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ،كَاتِبٍ وَغَيْرِ كَاتِبٍ)) إِخْبَارٌ بِالْحَقِيقَةِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْإِدْرَاكَ فِي الْبَصَ��ِ يَخْلُقُهُ اللَّهُ لِلْعَبْدِ كَيْفَ شَاءَ، وَمَتَى شَاءَ، فَهَذَا يَرَاهُ الْمُؤْمِنُ بِغَيْرِ بَصَرِهِ وَإِنْ كَانَ لَا يَعْرِفُ الْكِتَابَةَ، وَلَا يَرَاهُ الْكَافِرُ وَلَوْ كَانَ يَعْرِفُ الْكِتَابَةَ، كَمَا يَرَى الْمُؤْمِنُ الْأَدِلَّةَ بِعَيْنِ بَصِيرَتِهِ وَلَا يَرَاهَا الْكَافِرُ، فَيَخْلُقُ اللَّهُ لِلْمُؤْمِنِ الْإِدْرَاكَ دُونَ تَعَلُّمٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الزَّمَانَ تَنْخَرِقُ فِيهِ الْعَادَاتُ فِي ذَلِكَ؛ (فتح الباري لابن حجر العسقلاني، جـ13، صـ107).
قال الإمام النووي (رحمه الله): الصَّحِيحُ الَّذِي عَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ أَنَّ هَذِهِ الْكِتَابَةَ عَلَى ظَاهِرِهَا، وَأَنَّهَا كِتَابَةٌ حَقِيقَةٌ جَعَلَهَا اللَّهُ آيَةً وَعَلَامَةً مِنْ جُمْلَةِ الْعَلَامَاتِ الْقَاطِعَةِ بِكُفْرِهِ وَكَذِبِهِ وَإِبْطَالِهِ، وَيُظْهِرُهَا اللَّهُ تَعَالَى لِكُلِّ مُسْلِمٍ كَاتِبٍ وَغَيْرِ كَاتِبٍ، وَيُخْفِيها عَمَّنْ أَرَادَ شقاوته وفتنته ولا امتناع فِي ذَلِكَ؛ (مسلم بشرح النووي، جـ9، صـ294).
(4) روى مسلمٌ عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((الدَّجَّالُ أَعْوَرُ الْعَيْنِ الْيُسْرَى، جُفَالُ (كثير) الشَّعَرِ، مَعَهُ جَنَّةٌ وَنَارٌ، فَنَارُهُ جَنَّةٌ، وَجَنَّتُهُ نَارٌ))؛ (مسلم، حديث: 2934).
(5) روى البخاريُّ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: قَالَ عَبْدُاللَّهِ بْنِ عُمَرَ: ذَكَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا بَيْنَ ظَهْرَيِ النَّاسِ المَسِيحَ الدَّجَّالَ، فَقَالَ: ((إِنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِأَعْوَرَ، أَلا إِنَّ المَسِيحَ الدَّجَّالَ أَعْوَرُ العَيْنِ اليُمْنَى، كَأَنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ (بارزة)))؛ (البخاري حديث: 3439).
فائدة مهمة:
جاء في رواية مسلم أن الدجَّال أعور العين اليُسْرى، وفي رواية البخاري أنه أعور العين اليُمْنى.
قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ (رَحِمَهُ اللَّهُ): لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عَوْرَاءُ، فَإِنَّ الْأَعْوَرَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ الْمَعِيبُ لا سِيَّما مَا يَخْتَصُّ بِالْعَيْنِ، وَكِلَا عَيْنَيِ الدَّجَّالِ مَعِيبَةٌ عَوْرَاءُ؛ إِحْداهُما بِذَهَابِها، وَالْأُخْرَى بِعَيْبِهَا، هَذَا آخ��رُ كَلَامِ الْقَاضِي، وَهُوَ فِي نِهَايَةٍ مِنَ الْحُسْنِ؛ (مسلم بشرح النووي، جـ1، صـ513).
خروج المسيح الدجَّال:
(1) روى مسلمٌ عَنْ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم (وهو يتحدَّث عن المَسِيحِ الدَّجَّال): ((إِنَّهُ شَابٌّ قَطَطٌ (أي: شديد جُعودة الشَّعَر)، عَيْنُهُ طَافِئَةٌ، كَأَنِّي أُشَبِّهُهُ بِعَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قَطَنٍ، فَمَنْ أَدْرَكَهُ مِنْكُمْ، فَلْيَقْرَأْ عَلَيْهِ فَوَاتِحَ سُورَةِ الْكَهْفِ، إِنَّهُ خَارِجٌ خَلَّةً (أي: مكان) بَيْنَ الشَّأْمِ وَالْعِرَاقِ))؛ (مسلم، حديث: 2937).
(2) روى الترمذيُّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ قَالَ: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: ((الدَّجَّالُ يَخْرُجُ مِنْ أَرْضٍ بِالمَشْرِقِ يُقَالُ لَهَا: خُرَاسَانُ، يَتْبَعُهُ أَقْوَامٌ كَأَنَّ وُجُوهَهُمُ المَجَانُّ المُطْرَقَةُ (التروس الغليظة)؛ (حديث صحيح) (صحيح الترمذي للألباني، حديث:1824).
(3) روى أحمدُ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا أَبْكِي، فَقَالَ لِي: ((مَا يُبْكِيكِ؟))، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، ذَكَرْتُ الدَّجَّالَ فَبَكَيْتُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((إِنْ يَخْرُجِ الدَّجَّالُ وَأَنَا حَيٌّ كَفَيْتُكُمُوهُ، وَإِنْ يَخْرُجْ بَعْدِي، فَإِنَّ رَبَّكُمْ عَزَّ وَجَلَّ لَيْسَ بِأَعْوَرَ، وَإِنَّهُ يَخْرُجُ فِي يَهُودِيَّةِ أَصْبَهَانَ))؛ (حديث حسن) (مسند أحمد، جـ41، صـ15، حديث: 24467).
قوله صلى الله عليه وسلم: ((يَهُودِيَّةِ أَصْبَهَانَ)) قال أهل السير: لما أُخرجت اليهود من بيت المقدس في أيام بختنصر، وسيقوا إلى العراق حملوا معهم من تراب بيت المقدس ومن مائه، فكانوا لا ينزلون منزلًا ولا يدخلون مدينة إلا وزنوا ماءها وترابها، فما زالوا كذلك حتى دخلوا أصبهان، فنزلوا بموضع منها يقال له بنجار، وهي كلمة عبرانية معناها: انزلوا، فنزلوا ووزنوا الماء والطين الذي في ذلك الموضع، فكان مثل الذي معهم من تراب بيت المقدس ومائه، فعنده اطمأنوا وأخذوا في العمارات والأبنية وتوالدوا وتناسلوا، وسُمي المكان بعد ذلك اليهودية؛ (معجم البلدان لياقوت الحموي، جـ5، صـ 454).
دابَّة المسيح الدجَّال:
روى أحمدُ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِاللهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((يَخْرُجُ الدَّجَّالُ فِي خَفْقَةٍ مِنَ الدِّينِ، وَإِدْبَارٍ مِنَ الْعِلْمِ، فَلَهُ أَرْبَعُونَ لَيْلَةً يَسِيحُهَا فِي الْأَرْضِ، الْيَوْمُ مِنْهَا كَالسَّنَةِ، وَالْيَوْمُ مِنْهَا كَالشَّهْرِ، وَالْيَوْمُ مِنْهَا كَالْجُمُعَةِ، ثُمَّ سَائِرُ أَيَّامِهِ كَأَيَّامِكُمْ هَذِهِ، وَلَهُ حِمَارٌ يَرْكَبُهُ عَرْضُ مَا بَيْنَ أُذُنَيْهِ أَرْبَعُونَ ذِرَاعًا، فَيَقُولُ لِلنَّاسِ: أَنَا رَبُّكُمْ وَهُوَ أَعْوَرُ، وَإِنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بِأَعْوَرَ، مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ كَافِرٌ - ك ف ر مُهَجَّاةٌ - يَقْرَؤُهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ كَاتِبٌ، وَغَيْرُ كَاتِبٍ))؛ (حديث صحيح) (مسند أحمد، جـ23، صـ211، حديث: 14954).
سرعة الدَّجَّال في الأرض:
روى مُسْلِمٌ عَنْ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ، قَالَ (وهو يتحدَّث عن فتنة المسيح الدجال) قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا إِسْرَاعُهُ فِي الْأَرْضِ؟ قَالَ: ((كَالْغَيْثِ اسْتَدْبَرَتْهُ الرِّيحُ (أَيْ: يُسْرِعُ فِي الْأَرْضِ إِسْرَاعَ السَّحَابِ))؛ (مسلم، حديث: 2937).
تحريم دخول الدجَّال مكة والمدينة:
روى البخاريُّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: ((لَيْسَ مِنْ بَلَدٍ إِلَّا سَيَطَؤُهُ الدَّجَّالُ، إِلَّا مَكَّةَ وَالمَدِينَةَ، لَيْسَ لَهُ مِنْ نِقَابِهَا نَقْبٌ، إِلَّا عَلَيْهِ المَلاَئِكَةُ صَافِّينَ يَحْرُسُونَهَا، ثُمَّ تَرْجُفُ المَدِينَةُ بِأَهْلِهَا ثَلاثَ رَجَفَاتٍ، فَيُخْرِجُ اللَّهُ كُلَّ كَافِرٍ وَمُنَافِقٍ))؛ (البخاري، حديث: 1881).
أكثر أتباع المسيح الدجَّال:
أكثر أتباع المسيح الدجَّال من اليهود والنساء؛ روى مسلمٌ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((يَتْبَعُ الدَّجَّالَ مِنْ يَهُودِ أَصْبَهَانَ، سَبْعُونَ أَلْفًا عَلَيْهِمُ الطَّيَالِسَةُ))؛ (مسلم، حديث: 2944).
الطَّيَالِسَةُ: جمع طيلسان، وهو ثوب يُلبس على الكتف، يحيط بالبدن، يُنسج للبس، خالٍ من التفصيل والخياطة.
روى أحمدُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((يَنْزِلُ الدَّجَّالُ فِي هَذِهِ السَّبَخَةِ (أرضٌ مُملَّحَةٌ غير صالحة للزراعة) بِمَرِّ قَنَاةَ، فَيَكُونُ أَكْثَرَ مَنْ يَخْرُجُ إِلَيْهِ النِّسَاءُ، حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ لَيَرْجِعُ إِلَى حَمِيمِهِ وَإِلَى أُمِّهِ وَابْنَتِهِ وَأُخْتِهِ وَعَمَّتِهِ، فَيُوثِقُهَا رِبَاطًا، مَخَافَةَ أَنْ تَخْرُجَ إِلَيْهِ))؛ (حديث صحيح) (مسند أحمد، جـ9، صـ255، حديث: 5353).
فتنة الدجَّال الكبرى:
روى مُسْلِمٌ عَنْ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ، قَالَ: ذَكَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الدَّجَّالَ ذَاتَ غَدَاةٍ، فَخَفَّضَ فِيهِ وَرَفَّعَ، حَتَّى ظَنَنَّاهُ فِي طَائِفَةِ النَّخْلِ، فَلَمَّا رُحْنَا إِلَيْهِ عَرَفَ ذَلِكَ فِينَا، فَقَالَ: ((مَا شَأْنُكُمْ؟)) قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، ذَكَرْتَ الدَّجَّالَ غَدَاةً، فَخَفَّضْتَ فِيهِ وَرَفَّعْتَ، حَتَّى ظَنَنَّاهُ فِي طَائِفَةِ النَّخْلِ، فَقَالَ: ((غَيْرُ الدَّجَّالِ أَخْوَفُنِي عَلَيْكُمْ، إِنْ يَخْرُجْ وَأَنَا فِيكُمْ، فَأَنَا حَجِيجُهُ دُونَكُمْ، وَإِنْ يَخْرُجْ وَلَسْتُ فِيكُمْ، فَامْرُؤٌ حَجِيجُ نَفْسِهِ، وَاللهُ خَلِيفَتِي عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ، إِنَّهُ شَابٌّ قَطَطٌ (أي: شديد جُعُودة الشَّعَر)، عَيْنُهُ طَافِئَةٌ، كَأَنِّي أُشَبِّهُهُ بِعَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قَطَنٍ، فَمَنْ أَدْرَكَهُ مِنْكُمْ، فَلْيَقْرَأْ عَلَيْهِ فَوَاتِحَ سُورَةِ الْكَهْفِ، إِنَّهُ خَارِجٌ خَلَّةً (أي: مكان) بَيْنَ الشَّأْمِ وَالْعِرَاقِ، فَعَاثَ (أكثر من الفساد) يَمِينًا وَعَاثَ شِمَالًا، يَا عِبَادَ اللهِ فَاثْبُتُوا))، قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا لَبْثُهُ فِي الْأَرْضِ؟ قَالَ: ((أَرْبَعُونَ يَوْمًا، يَوْمٌ كَسَنَةٍ، وَيَوْمٌ كَشَهْرٍ، وَيَوْمٌ كَجُمُعَةٍ، وَسَائِرُ أَيَّامِهِ كَأَيَّامِكُمْ))، قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، فَذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَسَنَةٍ، أَتَكْفِينَا فِيهِ صَلَاةُ يَوْمٍ؟ قَالَ: ((لَا، اقْدُرُوا لَهُ قَدْرَهُ))، قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا إِسْرَاعُهُ فِي الْأَرْضِ؟ قَالَ: ((كَالْغَيْثِ اسْتَدْبَرَتْهُ الرِّيحُ، فَيَأْتِي عَلَى الْقَوْمِ فَيَدْعُوهُمْ، فَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَجِيبُونَ لَهُ، فَيَأْمُرُ السَّمَاءَ فَتُمْطِرُ، وَالْأَرْضَ فَتُنْبِتُ، فَتَرُوحُ (ترجع آخر النهار) عَلَيْهِمْ سَارِحَتُهُمْ (هي الماشية)، أَطْوَلَ مَا كَانَتْ ذُرًا (أعلى سنام الجَمَل)، وَأَسْبَغَهُ (أطوله) ضُرُوعًا، وَأَمَدَّهُ خَوَاصِرَ(لكثرة امتلائها من الشبع)، ثُمَّ يَأْتِي الْقَوْمَ، فَيَدْعُوهُمْ فَيَرُدُّونَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ، فَيَنْصَرِفُ عَنْهُمْ، فَيُصْبِحُونَ مُمْحِلِينَ (أصابهم المحل من قلة المطر) لَيْسَ بِأَيْدِيهِمْ شَيْءٌ مِنْ أَمْوَالِهِمْ، وَيَمُرُّ بِالْخَرِبَةِ، فَيَقُولُ لَهَا: أَخْرِجِي كُنُوزَكِ، فَتَتْبَعُهُ كُنُوزُهَا كَيَعَاسِيبِ (ذكور) النَّحْلِ، ثُمَّ يَدْعُو رَجُلًا مُمْتَلِئًا شَبَابًا، فَيَضْرِبُهُ بِالسَّيْفِ فَيَقْطَعُهُ جَزْلَتَيْنِ(قطعتين) رَمْيَةَ الْغَرَضِ (الهدف)، ثُمَّ يَدْعُوهُ فَيُقْبِلُ وَيَتَهَلَّلُ وَجْهُهُ، يَضْحَكُ، فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ بَعَثَ اللهُ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ، فَيَنْزِلُ عِنْدَ الْمَنَارَةِ الْبَيْضَاءِ شَرْقِيَّ دِمَشْقَ، بَيْنَ مَهْرُودَتَيْنِ (مرتديًا ثوبين مصبوغين بورس ثم بزعفران)، وَاضِعًا كَفَّيْهِ عَلَى أَجْنِحَةِ مَلَكَيْنِ، إِذَا طَأْطَأَ رَأْسَهُ قَطَرَ، وَإِذَا رَفَعَهُ تَحَدَّرَ مِنْهُ جُمَانٌ كَاللُّؤْلُؤِ، فَلَا يَحِلُّ لِكَافِرٍ يَجِدُ رِيحَ نَفَسِهِ إِلَّا مَاتَ، وَنَفَسُهُ يَنْتَهِي حَيْثُ يَنْتَهِي طَرْفُهُ، فَيَطْلُبُهُ حَتَّى يُدْرِكَهُ بِبَابِ لُدٍّ، فَيَقْتُلُهُ))؛ (مسلم، حديث: 2937).
قوله صلى الله عليه وسلم: ((وَيَتَهَلَّلُ وَجْهُهُ، يَضْحَكُ))؛ أي: يضحك هذا الشابُّ ساخرًا من المسيح الدجَّال، ويقول: كيف يصلح هذا أن يكون إلهًا؟!
الحكمة من وجود المعجزات على يد المسيح الدجَّال:
قَالَ الإمام الْخَطَّابِيُّ (رحمه الله) فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يُجْرِيَ اللَّهُ الْآيَةَ عَلَى يَدِ الْكَافِرِ، فَإِنَّ إِحْيَاءَ الْمَوْتَى آيَةٌ عَظِيمَةٌ مِنْ آيَاتِ الْأَنْبِيَاءِ، فَكَيْفَ يَنَالُهَا الدَّجَّالُ وَهُوَ كَذَّابٌ مُفْتَرٍ يَدَّعِي الرُّبُوبِيَّةَ؟ فَالْجَوَابُ: أَنَّهُ عَلَى سَبِيلِ الْفِتْنَةِ لِلْعِبَادِ إِذْ كَانَ عِنْدَهُمْ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مُبْطِلٌ غَيْرُ مُحِقٍّ فِي دَعْوَاهُ، وَهُوَ أَنَّهُ أَعْوَرُ مَكْتُوبٌ عَلَى جَبْهَتِهِ كَافِرٌ يَقْرَؤُهُ كُلُّ مُسْلِمٍ فَدَعْوَاهُ دَاحِضَةٌ مَعَ وَسْمِ الْكُفْرِ وَنَقْصِ الذَّاتِ وَالْقَدْرِ؛ إِذْ لَوْ كَانَ إِلَهًا لَأَزَالَ ذَلِكَ عَنْ وَجْهِهِ، وَآيَاتُ الْأَنْبِيَاءِ سَالِمَةٌ مِنَ الْمُعَارَضَةِ فَلَا يَشْتَبِهَانِ؛ (فتح الباري لابن حجر العسقلاني، جـ13، صـ110).
وقَالَ الإمام ابن حجر العسقلاني (رحمه الله): وَفِي الدَّجَّالِ دَلَالَةٌ بَيِّنَةٌ - لِمَنْ عَقَلَ - عَلَى كَذِبِهِ؛ لِأَنَّهُ ذُو أَجْزَاءٍ مُؤَلَّفَةٍ، وَتَأْثِيرُ الصَّنْعَةِ فِيهِ ظَاهِرٌ مَعَ ظُهُورِ الْآفَةِ بِهِ مِنْ عَوَرِ عَيْنَيْهِ، فَإِذَا دَعَا النَّاسَ إِلَى أَنَّهُ رَبُّهُمْ فَأَسْوَأُ حَالَ مَنْ يَرَاهُ مِنْ ذَوِي الْعُقُولِ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِيُسَوِّيَ خَلْقَ غَيْرِهِ وَيعدلُهُ وَيُحَسِّنُهُ وَلَا يَدْفَعُ النَّقْصَ عَنْ نَفْسِهِ، فَأَقَلُّ مَا يَجِبُ أَنْ يَقُولَ: يَا مَنْ يَزْعُمُ أَنَّهُ خَالِقُ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، صَوِّرْ نَفْسَكَ وَعَدِّلْهَا وَأَزِلْ عَنْهَا الْعَاهَةَ، فَإِنْ زَعَمْتَ أَنَّ الرَّبَّ لَا يُحْدِثُ فِي نَفْسِهِ شَيْئًا، فَأَزِلْ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْكَ؛ (فتح الباري لابن حجر العسقلاني، جـ13، صـ110).
وقَالَ الإمام أبو بكر ابن العربي (رحمه الله): الَّذِي يظْهر على يَد الدَّجَّالِ مِنَ الْآيَاتِ مِنْ إِنْزَالِ الْمَطَرِ وَالْخِصْبِ عَلَى مَنْ يُصَدِّقُهُ، وَالْجَدْبِ عَلَى مَنْ يُكَذِّبُهُ، وَاتِّبَاعِ كُنُوزِ الْأَرْضِ لَهُ، وَمَا مَعَهُ مِنْ جَنَّةٍ وَنَارٍ وَمِيَاهٍ تَجْرِي، كُلُّ ذَلِكَ مِحْنَةٌ مِنَ اللَّهِ وَاخْتِبَارٌ لِيَهْلِكَ الْمُرْتَابُ، وَيَنْجُوَ الْمُتَيَقِّنُ، وَذَلِكَ كُلُّهُ أَمْرٌ مُخَوِّفٌ؛ وَلِهَذَا قَالَ صلى الله عليه وسلم: ((لا فِتْنَةَ أَعْظَمُ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ)) وَكَانَ يَسْتَعِيذُ مِنْهَا فِي صَلَاتِهِ تَشْرِيعًا لِأُمَّتِهِ؛ (فتح الباري لابن حجر العسقلاني، جـ13، صـ110).
هروب الناس من المسيح الدجَّال:
روى مسلمٌ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِاللهِ قَالَ: أَخْبَرَتْنِي أُمُّ شَرِيكٍ، أَنَّهَا سَمِعَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ: ((لَيَفِرَّنَّ النَّاسُ مِنَ الدَّجَّالِ فِي الْجِبَالِ))، قَالَتْ أُمُّ شَرِيكٍ: يَا رَسُولَ اللهِ، فَأَيْنَ الْعَرَبُ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: ((هُمْ قَلِيلٌ))؛ (مسلم، حديث: 2945).
كيفية العصمة من الدجَّال الأكبر:
روى مسلمٌ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: ((مَنْ حَفِظَ عَشْرَ آيَاتٍ مِنْ أَوَّلِ سُورَةِ الْكَهْفِ عُصِمَ مِنَ الدَّجَّالِ))؛ (مسلم، حديث: 809).
وروى مسلمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((إِذَا تَشَهَّدَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَعِذْ بِاللهِ مِنْ أَرْبَعٍ، يَقُولُ: اللهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ، وَمِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ، وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ))، (مسلم، حديث: 588).
الرجل المؤمن مع الدجَّال الأكبر:
روى مسلمٌ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((يَخْرُجُ الدَّجَّالُ فَيَتَوَجَّهُ قِبَلَهُ رَجُلٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، فَتَلْقَاهُ الْمَسَالِحُ - مَسَالِحُ الدَّجَّالِ - (قوم معهم سلاح) فَيَقُولُونَ لَهُ: أَيْنَ تَعْمِدُ؟ فَيَقُولُ: أَعْمِدُ إِلَى هَذَا الَّذِي خَرَجَ، قَالَ: فَيَقُولُونَ لَهُ: أَوَ مَا تُؤْمِنُ بِرَبِّنَا؟ فَيَقُولُ: مَا بِرَبِّنَا خَفَاءٌ، فَيَقُولُونَ: اقْتُلُوهُ، فَيَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: أَلَيْسَ قَدْ نَهَاكُمْ رَبُّكُمْ أَنْ تَقْتُلُوا أَحَدًا دُونَهُ، قَالَ: فَيَنْطَلِقُونَ بِهِ إِلَى الدَّجَّالِ، فَإِذَا رَآهُ الْمُؤْمِنُ، قَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، هَذَا الدَّجَّالُ الَّذِي ذَكَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: فَيَأْمُرُ الدَّجَّالُ بِهِ فَيُشَبَّحُ (الجرح في الرأس والوجه)، فَيَقُولُ: خُذُوهُ وَشُجُّوهُ، فَيُوسَعُ ظَهْرُهُ وَبَطْنُهُ ضَرْبًا، قَالَ: فَيَقُولُ: أَوَ مَا تُؤْمِنُ بِي؟ قَالَ: فَيَقُولُ: أَنْتَ الْمَسِيحُ الْكَذَّابُ، قَالَ: فَيُؤْمَرُ بِهِ فَيُؤْشَرُ بِالْمِئْشَارِ(المنشار) مِنْ مَفْرِقِهِ حَتَّى يُفَرَّقَ بَيْنَ رِجْلَيْهِ، قَالَ: ثُمَّ يَمْشِي الدَّجَّالُ بَيْنَ الْقِطْعَتَيْنِ، ثُمَّ يَقُولُ لَهُ: قُمْ، فَيَسْتَوِي قَائِمًا، قَالَ: ثُمَّ يَقُولُ لَهُ: أَتُؤْمِنُ بِي؟ فَيَقُولُ: مَا ازْدَدْتُ فِيكَ إِلَّا بَصِيرَةً، قَالَ: ثُمَّ يَقُولُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّهُ لَا يَفْعَلُ بَعْدِي بِأَحَدٍ مِنَ النَّاسِ، قَالَ: فَيَأْخُذُهُ الدَّجَّالُ لِيَذْبَحَهُ، فَيُجْعَلَ مَا بَيْنَ رَقَبَتِهِ إِلَى تَرْقُوَتِهِ نُحَاسًا، فَلَا يَسْتَطِيعُ إِلَيْهِ سَبِيلًا، قَالَ: فَيَأْخُذُ بِيَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ فَيَقْذِفُ بِهِ، فَيَحْسِبُ النَّاسُ أَنَّمَا قَذَفَهُ إِلَى النَّارِ، وَإِنَّمَا أُلْقِيَ فِي الْجَنَّةِ))، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((هَذَا أَعْظَمُ النَّاسِ شَهَادَةً عِنْدَ رَبِّ الْعَالَمِينَ))؛ (مسلم، حديث: 2938).
مدة حياة المسيح الدجَّال:
روى مُسْلِمٌ عَنْ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ، قَالَ (وهو يتحدَّث عن فتنة المسيح الدجال) قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا لَبْثُهُ فِي الْأَرْضِ؟ قَالَ: ((أَرْبَعُونَ يَوْمًا، يَوْمٌ كَسَنَةٍ، وَيَوْمٌ كَشَهْرٍ، وَيَوْمٌ كَجُمُعَةٍ، وَسَائِرُ أَيَّامِهِ كَأَيَّامِكُمْ))، قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، فَذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَسَنَةٍ، أَتَكْفِينَا فِيهِ صَلَاةُ يَوْمٍ؟ قَالَ: ((لَا، اقْدُرُوا لَهُ قَدْرَهُ))؛ (مسلم، حديث: 2937).
قال الإمام النووي (رحمه الله): قوله صلى الله عليه وسلم: ((اقْدُرُوا لَهُ قَدْرَهُ)) معناه: إِذَا مَضَى بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ قَدْرُ مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الظُّهْرِ كُلَّ يَوْمٍ فَصَلُّوا الظُّهْرَ ثُمَّ إِذَا مَضَى بَعْدَهُ قَدْرُ مَا يَكُونُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعَصْرِ فَصَلُّوا الْعَصْرَ، وَإِذَا مَضَى بَعْدَ هَذَا قَدْرُ مَا يَكُونُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَغْرِبِ فَصَلُّوا الْمَغْرِبَ، وَكَذَا الْعِشَاءَ وَالصُّبْحَ ثُمَّ الظُّهْرَ ثُمَّ الْعَصْرَ ثُمَّ الْمَغْرِبَ وَهَكَذَا حَتَّى يَنْقَضِي ذَلِكَ الْيَوْمُ وَقَدْ وَقَعَ فِيهِ صَلَوَاتُ سَنَةٍ فَرَائِضُ كُلُّهَا مُؤَدَّاةٌ فِي وَقْتِهَا، وَأَمَّا الثَّانِي الَّذِي كَشَهْرٍ وَالثَّالِثُ الَّذِي كَجُمُعَةٍ فَقِيَاسُ الْيَوْمُ الْأَوَّلُ أَنْ يُقَدَّرَ لَهُمَا كَالْيَوْمِ الْأَوَّلِ؛ (مسلم بشرح النووي، جـ9، صـ296).
نبي الله عيسى عليه السلام يقتل الدجَّال:
روى مسلمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَنْزِلَ الرُّومُ بِالْأَعْمَاقِ أَوْ بِدَابِقٍ، فَيَخْرُجُ إِلَيْهِمْ جَيْشٌ مِنَ الْمَدِينَةِ، مِنْ خِيَارِ أَهْلِ الْأَرْضِ يَوْمَئِذٍ، فَإِذَا تَصَافُّوا، قَالَتِ الرُّومُ: خَلُّوا بَيْنَنَا وَبَيْنَ الَّذِينَ سَبَوْا مِنَّا نُقَاتِلْهُمْ، فَيَقُولُ الْمُسْلِمُونَ: لَا، وَاللهِ لَا نُخَلِّي بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ إِخْوَانِنَا، فَيُقَاتِلُونَهُمْ، فَيَنْهَزِمُ ثُلُثٌ لَا يَتُوبُ اللهُ عَلَيْهِمْ أَبَدًا، وَيُقْتَلُ ثُلُثُهُمْ، أَفْضَلُ الشُّهَدَاءِ عِنْدَ اللهِ، وَيَفْتَتِحُ الثُّلُثُ، لَا يُفْتَنُونَ أَبَدًا فَيَفْتَتِحُونَ قُسْطَنْطِينِيَّةَ، فَبَيْنَمَا هُمْ يَقْتَسِمُونَ الْغَنَائِمَ، قَدْ عَلَّقُوا سُيُوفَهُمْ بِالزَّيْتُونِ، إِذْ صَاحَ فِيهِم الشَّيْطَانُ: إِنَّ الْمَسِيحَ قَدْ خَلَفَكُمْ فِي أَهْلِيكُمْ، فَيَخْرُجُونَ، وَذَلِكَ بَاطِلٌ، فَإِذَا جَاءُوا الشَّأْمَ خَرَجَ، فَبَيْنَمَا هُمْ يُعِدُّونَ لِلْقِتَالِ، يُسَوُّونَ الصُّفُوفَ، إِذْ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، فَيَنْزِلُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَمَّهُمْ، فَإِذَا رَآهُ عَدُوُّ اللهِ، ذَابَ كَمَا يَذُوبُ الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ، فَلَوْ تَرَكَهُ لَانْذَابَ حَتَّى يَهْلِكَ، وَلَكِنْ يَقْتُلُهُ اللهُ بِيَدِهِ، فَيُرِيهِمْ دَمَهُ فِي حَرْبَتِهِ))؛ (مسلم: 2897).
أَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالى بِأَسْمَائِهِ الْحُسْنَى وَصِفَاتِهِ الْعُلا أَنْ يَجْعَلَ هَذَا الْعَمَلَ خَالِصًا لِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ، وأن يجعله ذُخْرًا لي عنده يوم القيامة ﴿ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾ [الشعراء: 88، 89]، كما أسأله سُبْحَانَهُ أن ينفعَ به طلابَ العِلْمِ الكرامِ، وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَصَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ، وَأَصْحَابِهِ، وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إلَى يَوْمِ الدِّينِ.
0 notes
newlifehope · 4 months
Text
325 notes · View notes
newlifehope · 4 months
Text
Golden autumn...
493 notes · View notes
newlifehope · 5 months
Text
Tumblr media
0 notes
newlifehope · 1 year
Text
ليتني كنت مكانك يا ابي في ذلك اليوم.
7 notes · View notes
newlifehope · 1 year
Text
Tumblr media
"١.#رمضان.." 💭💭
- @ghozydes
112 notes · View notes
newlifehope · 1 year
Video
Heavenly garden view in Wales, United Kingdom ~ koeklilian
5K notes · View notes
newlifehope · 1 year
Text
Tumblr media
6 notes · View notes
newlifehope · 1 year
Text
560 notes · View notes
newlifehope · 1 year
Text
528 notes · View notes
newlifehope · 1 year
Text
4K notes · View notes
newlifehope · 1 year
Text
لك الحمد يارب حمدا كما ينبغي لجلال وجهك و عظيم سلطانك
Tumblr media Tumblr media Tumblr media Tumblr media Tumblr media Tumblr media Tumblr media Tumblr media Tumblr media Tumblr media
16 notes · View notes
newlifehope · 2 years
Video
Peace of nature
intenttobe
3K notes · View notes
newlifehope · 4 years
Text
Tumblr media
170 notes · View notes
newlifehope · 4 years
Text
Tumblr media
25 notes · View notes
newlifehope · 4 years
Text
وتَجري تدآبيره، ليبقي قَدرك هو نفسهُ مُرآد قلبك ❤
736 notes · View notes