Tumgik
hazaa2016-blog · 7 years
Text
في عام ١٤١٣ دخل معلم التربية الإسلامية إلى صفّنا- الصف الخامس - وكانت الحصة (فقه) وعرّفنا بنفسه فهو معلم حديث العهد بالتعليم قادم من منطقة جازان، بدأ شرحه الممتع وتفاعلنا معه وكان يثني عليّ بعد كل مشاركة أشاركها والابتسامة لا تفارق محياه ، وأخذ يثني علينا وعلى مستوانا الجيد وهدوئنا أثناء سير دقائق الحصة وفي نهاية الحصة طلب منّا أن نحاول حلّ التدريب الأول من الدرس فأخذت أكتب بيدي اليسرى كعادتي ولكن ذلك الفعل لم يعجبه فوقف عندي والغضب قد طمس ابتسامته وحلّ محلّها، ونبرة صوته اعتلت وهو يقول لي لماذا تكتب باليد اليسرى ألا تعلم بأن هذا حرااااااام؟؟ نظرت إليه وقد أصابتني حيرة وصدمة في آنٍ واحد ولم أستطع أن أتفوّه بأي كلمة وأخذ يطلب مني أن أكتب باليد اليمنى وأن أتدرّب في المنزل على الكتابة بها. توقفتُ عن الكتابة وقلت له حاضر يا أستاذ. انقضت حصة الفقه وشرعنا في حصة الرياضيات وكنت أكتب باليد اليسرى على استحياء بعد توبيخ معلم التربية الإسلامية لي، كان معلم الرياضيات يتفقد كتاباتنا أثناء الحصة بالمرور علينا وكان يثني على جمال خطي وكنت أسأل نفسي لماذا لم يزجرني عن الكتابة باليد اليسرى وفي نفس الوقت أجيب وأقول لأن الرياضيات مادة علمية ومعلمها قد يكون غير مطلع على حكم الكتابة باليد اليسرى. ذهبتُ للمنزل والحزن يتصارع في صدري وعندما دخلتُ للمنزل قلت لوالدتي لا أريد تناول وجبة الغداء لهذا اليوم ثم أخذت دفترًا قديمًا وأخرجت قلمي من حقيبيتي ورحت أتدرّب على الكتابة باليد اليمنى، كنت أكتب عبارة بسم الله الرحمن الرحيم وأحيانًا أكتب اسمي كاملًا ولكن خطي كان أشبه بخط طالب في الصفّ الأول وشيئًا فشيئًا آلمتني يدي وسيطر اليأس عليّ وقمت تاركًا ذلك الدفتر المملوء بخط أقل ما يقال عنه قبيح. قررت أن أتوارى عن المعلم أثناء الكتابة في حصص التربية الإسلامية فكنت أكتب في الفصل وكأنني مختلس لا أود أن يراني أحد وإذا قدم المعلم تجاهي أمسكت القلم بيدي اليمنى وتوقفت عن الكتابة كي يظن المعلم أنني أكتب بيدي اليمنى. ذات مرة طلب مني هذا المعلم أن أجمع دفاتر التوحيد بعد الحصة وأوصلها إلى مكتبه في غرفة المعلمين وبعد أن رنّ جرس الحصة خرج المعلم ثم جمعت دفاتر التوحيد ولحقت به إلى غرفة المعلمين وعندما دخلتُ إلى الغرفة ألقيت التحية على المعلمين الموجودين فناداني مباشرة معلم الجغرافيا وقال خذ دفاتركم يا هزاع وقل لمحمد لا يلوّن الخريطة بالألوان المائية بل بالألوان الخشبية فقلت له حاضر يا أستاذ وتقدمتُ لمعلم التربية الإسلامية وأعطيته دفاتر التوحيد فقال لي بصوت خافت هل كتبت الواجب باليد اليمنى أم اليسرى فقلت مباشرة باليد اليسرى فقال لي وهو غاضب (طيّب) خرجتُ من غرفة المعلمين حاملًا دفاتر الجغرافيا والتي كانت تنبعث منها رائحة الكيروسين فالبعض يضعه على الورقة حتى يتمكّن من رسم الخريطة ونسخها بطريقة متقنة. في اليوم التالي دخل معلم التربية الإسلامية حاملًا بيده دفاتر التوحيد وأخذ يوزعها علينا وأثناء كتابته للمادة والموضوع فتحتُ دفتري على عجالة لأرى درجتي وتقديري فكتب لي عبارة جيد أما البقية فبعد أن انتهت الحصة كانوا سعيدين بعبارات الثناء التي أردفها لهم المعلم بعد عبارة ممتاز مع أن حلي لا يختلف عن حلّهم.كانت إشارة من المعلم على إصراره في تغيير خطي لليد اليمنى. ترددتُ في سؤال معلم التربية الإسلامية الذي درسني في الصف الرابع فهو لم يتطرق إلى تحريم الكتابة باليد اليسرى قطّ، وفكرت أن أخبر والدي بالأمر ولكني في كل مرة أحجم عن الكلام في هذا الموضوع. كان صديقي أحمد جريئًا ولمس معاناتي أثناء حصص التربية الإسلامية فذهب وسأل معلم التربية الإسلامية الذي درّسنا في الصفّ الرابع فقال له المعلم اذهب وأحضر هزاع معك، ذهبت مع أحمد إلى المعلم فقال لي هل المعلم جادّ عندما منعك من الكتابة باليد اليسرى أم أنه يمزح معك فقلت له (لا يا أستاذ كان جاد حتى أني إذا كتبت باليسار يزعل) فقال لي الأمر فيه سعة يا ولدي وأهم شيء لا تأكل بيدك اليسرى أما عدا ذلك فلا أرى أنّ في ذلك شيء. عدتُ للفصل والسعادة تغمرني أنا وأحمد. جاء معلم التربية الإسلامية وأخذ يعرّض بي وبصاحبي وهو يقول بعض الطلاب حوّل المدرسة إلى استفتاء وكأننا في برنامج تلفزيوني ولا يعلمون بأننا نبحث عن مصلحتهم وأخذ يخلط كلامه بشيء من الاستهزاء ما جعل باب المعاناة الذي ظننته أوصد قد فُتِح من جديد. ولمست من كلامه بأن معلم التربية الإسلامية الذي سألناه عن الحكم قد ناقشه في الموضوع مما جعله يستشيط غضبًا. مرت تلك السنة وأنا أكتب بيدي اليسرى خلسة عن معلم التربية الإسلامية وبعد أن انقضت تلك السنة الطويييلة في نظري جاءنا خبر نقل معلم التربية الإسلامية إلى منطقة قريبة من مسقط رأسه جازان وكانت فرحتى عارمة وأخذت أكتب بيدي اليسرى دونما خجل خاصة في حصص التربية الإسلامية.
0 notes