Tumgik
Text
Tumblr media
الأنطولوجية
الأنطولوجية Ontology أو علم الوجود، أحد مباحث الفلسفة، وهو العلم الذي يدرس الوجود بذاته، الوجود بما هو موجود، مستقلاً عن أشكاله الخاصة، ويُعنى بالأمور العامة التي لا تختص بقسم من أقسام الوجود، الواجب والجوهر والعرض، بل تعمم على جميع الموجودات من حيث هي كذلك، وبهذا المعنى فإن علم الوجود معادل للميتافيزيقا أو ما بعد الطبيعة metaphysique. فهو نسق من التعريفات الكلية التأملية في نظرية الوجود عامة. وكان أرسطو في القرن الرابع ق.م، أول من أدخل مفهوماً عن مثل هذه النظرية التي عنى بها العلم حول أعم قوانين الوجود «علم الوجود بما هو موجود».
يعود مصطلح الأنطولوجية إلى أصل يوناني من onto وتعني الوجود، وlogie أي العلم. وقد ورد هذا المصطلح أول مرة سنة 1613، في القاموس الذي ألفه رودولف غوكلينيوس Rudolf Goclenius. وأول من استخدم هذا المصطلح عنواناً لكتاب هو كريستيان فون وولف (1679-1754) hristian Von Wolff، في القرن الثامن عشر. ولا تكمن صعوبة تحديد مجال الأنطولوجية في حداثة المصطلح وحدها وإنما ترجع إلى الشكوك التي ترافق كلمة الوجود منذ أن استخدمها بَرمنيدس Parménide وقد حاول أفلاطون أن يبحث عن الوجود الثابت والخالد في المُثُل ideas، مضحياً بالوجود الحسي المتغير والزائل. ومع أن أرسطو لم يوافق أفلاطون على التجريد الذي تتصف به المُثُل فإنه ربط كأستاذه الوجود بالمعرفة، بل أصبح تعريف الوجود لديه مدخلاً لكل علم ممكن.
وإلى جانب الصعوبات اللغوية التي تثيرها كلمة الوجود في اللغة اليونانية وكذلك في اللغة اللاتينية واللغات الأوربية، فإن مفهوم الوجود ومعناه يثيران مع تقدم العلم إشكالات جديدة. ويذهب بول ريكور إلى عَدّ السؤال المنصبّ على الوجود سؤالاً متجدداً، ينهل من معين لا ينضب، لأن السؤال يظل أبداً أكبر من كل الإجابات.
نجت فلسفة أفلاطون من مشكلة التفريق بين الوجود والماهية essenceالتي ابتكرها أرسطو لاحقاً، وقد ورث الفلاسفة العرب المسلمون هذه المشكلة، مشكلة أصالة الماهية والوجود، عن الفلسفة اليونانية، وخضعت لها فيما بعد الفلسفة الوسيطة في الغرب اللاتيني.
في البداية، لاحظ أرسطو أن «الوجود يقال على أنحاء متفرقة»، واضطر إلى التفريق بين الوجود والماهية للوصول إلى ما هو «جوهر» في الأشياء وما هو «عرض». كذلك فرق بين الوجود بالفعل وبين الوجود بالقوة، وتوصل إلى أن الفلسفة الأولى هي التي تتناول بالدراسة «الجواهر المفارقة للمادة»، وأعلى أنواعها الجوهر الأول، الله.
وأهم الصعوبات التي تعرضت لها الأنطولوجية في الحقبة اليونانية تعود إلى الاستخدام غير الدقيق لفعل الكون être. فمنذ أن وضع أرسطو فعل الكون في كل مكان (بدلاً من أي فعل)، اضطر المناطقة إلى التفرقة بين وظيفة فعل الكون بوصفه رابطة منطقية من جهة وبين المعاني اللغوية العادية من جهة أخرى. فقد رأى كَنت في القرن الثامن عشر أن هناك نوعين من استخدام فعل الكون، فإضافة إلى استخدامه رابطة يمكن استخدامه «محمولاً» predicate كذلك فرق لالاند Lalande حديثاً بين معنى مطلق لفعل الكون وبين معنى نسبي، ولكن هذا لم يمنع الفلسفة من استخدام فعل الكون.
الأنطولوجية والفلسفة العربية ـ الإسلامية
إن مصطلح «الوجود» طارئ على الفكر العربي الإسلامي، ذلك أن «فعل الكون» غير موجود في اللغة العربية كما هي الحال في اللغات الهندية الأوربية. وقد شاع استخدام «الوجود» ومشتقاته في علم الكلام. لذلك ظهرت لدى الكندي محاولة لاشتقاق كلمة من أصل عربي لترجمة كلمة الوجود هي «الأيس» مقابل «الليس» وهو العدم. ومع الفارابي دخل مصطلح الوجود بقوة إلى الفلسفة العربية ـ الإسلامية، وترسخ فيما بعد مع ابن سينا، حتى شاع وانتشر وأصبح في كتب المتكلمين، من أمثال الجويني في كتابه «الإرشاد»، مرادفاً للفظ الجلالة الله.
طرح الفارابي المشكلات الأساسية للأنطولوجية حين عالج في كتابه «الحروف» الكيفية التي يمكن بها تجاوز الصعوبات التي نشأت في الفلسفة اليونانية حول مشكلة الوجود. وكانت «نظرية الفيض» التي اقتبس مبادئها من أفلوطين\[ر\] تتويجاً لهذا المشروع الأنطولوجي الذي حل به العلاقة بين الواحد والكثير: الوجود المطلق والعالم المتغير. وقامت العقول المفارقة للمادة بردم الهوة بين المطلق والنسبي.
بلغت العلوم الفلسفية والكلامية ذروتها في عصر ابن سينا الذي انطوت مؤلفاته على أعظم الإسهامات في تطوير الفكر في القرن الرابع للهجرة/العاشر للميلاد وخصص ابن سينا في كتابه «الشفاء» فصولاً كثيرة لدراسة «الإلهيات»، وهي الدراسة التي أثرت تأثيراً حاسماً في تطور مستقبل الأنطولوجية في الفكر الفلسفي والكلامي عند المسلمين وعند المسيحيين اللاتين في الغرب. ومن أشهر المشكلات التي توارثها الفلاسفة شرقاً وغرباً مشكلة العلاقة بين الوجود والماهية، فبتأثيرٍ من أرسطو جعل ابن سينا للماهية منزلة أعلى من منزلة الوجود في نظامه الفكري. ويدرك المرء وفق تصور ابن سينا، ماهية المثلث دونما حاجة إلى تحققه في الخارج. فإذا حصل أمام المرء شكل هندسي أو صورة حسية تجسده، فهذا يعني أن هذا الوجود المضاف إليه زائد على الماهية. وينفي ابن سينا على مستوى وجود الله أو «الواجب الوجود» أن تسبق الماهية الوجود، ذلك أن هذه القسمة لا تصح إلا على الموجودات المحسوسة، أما على صعيد الذات الإلهية فالوجود عين الماهية.
ظل رأي ابن سينا في أفضلية الماهية على الوجود سائداً، وناقضه في ذلك الأشاعرة الذين وحدوا بين الوجود والماهية.
وقد انتقلت مشكلة الوجود من ميدان الفلسفة وعلم الكلام إلى ميدان التصوف منذ القرن الثالث للهجرة مع الحلاج والجنيد. وتعززت هذه المشكلة مع النفَّري من صوفية القرن الرابع للهجرة، إلا أن «الوجود» ظل في هذه المرحلة مرتبطاً بفكرة «الوجد» الصوفي. ويُلحظ عند ابن عربي ، في القرن السادس ـ السابع للهجرة، ولادة أنطولوجية جديدة قائمة على الجمع بين العقل الفلسفي والذوق أو الكشف الصوفي.
وفرّق صدر الدين الشيرازي في القرن الحادي عشر للهجرة بين «الحصول» العقلاني و«الحضور» الصوفي متابعاً ابن عربي. وتحت تأثير ابن عربي خطا صدر الدين الشيرازي خطوةً جريئةً على صعيد الأنطولوجية، فقال بـ «أصالة» الوجود، أي أسبقية الوجود وتعاليه على الماهية.
وتعد «وحدة الوجود» المنسوبة إلى ابن عربي التي تبناها فيما بعد تلامذته مثل صدر الدين القونوي وابن سبعين، ذروة الأنطولوجية القائمة على الكشف الصوفي. وقد فهم ابن تيمية ناقد ابن عربي هذه الوحدة على أنها وحدة مادية تُذَكِّر بالنظريات الفلسفية اليونانية. لذلك اضطر بعض الصوفية المتأخرين من أمثال أحمد السرهندي في القرن الحادي عشر الهجري إلى القول بـ «وحدة الشهود» تخوفاً من هجوم الفقهاء الذين كفّروا القائلين بوحدة الوجود، واقتراباً من التصوف المعتدل.
أما في علم الكلام فقد لجأت مباحث الوجود بعد «موت الفلسفة العربية ـ الإسلامية» بموت ابن رشد، إلى كتب المتكلمين. ولاسيما أولئك الذين أطلق عليهم ابن خلدون «علماء العجم» من أمثال عضد الدين الإيجي صاحب كتاب «المواقف»، وشارحه السيد الشريف الجرجاني وسعد الدين التفتازاني في كتابه «شرح المقاصد». وقد نجم عن تدارس هذه المؤلفات من القرن التاسع للهجرة بروز مفكرين اهتموا بمشكلة الوجود اهتماماً يتجلى في الشروح والحواشي التي علقت على مؤلفات «علماء العجم» وسادت العصرين المملوكي والعثماني.
الأنطولوجية في الفلسفة الغربية
استخدم الفلاسفة الكاثوليك في أواخر العصور الوسطى الفكرة الأرسطية في الميتافيزيقا لبناء نظرية في الوجود تصلح برهاناً فلسفياً على حقائق الدين. وتطور هذا التيار في أتم صوره في مذهب توما الأكويني الفلسفي اللاهوتي، الذي اعترض على آراء ابن سينا في الوجود والماهية، ورفض أن يكون الوجود زائداً على الماهية أو أن يكون مضافاً إليها من الخارج. ومال الأكويني إلى رأي توفيقي يجعل العلاقة بين الوجود والماهية علاقة تركيبية، مع أن كل موجود يحتاج إلى علة خارجية كي يتحقق في الوجود، إلا الله، فوجوده مستغنٍ عن الموجِد. وهكذا فالوجود ليس زائداً على الماهية لديه، إنما يتأسس بحسب مبادئها.
تعرّض مفهوم الأنطولوجية لتغييرات جوهرية، بسبب فلسفة وولف الذي اعتمد في فهمه لها على المنهج الاستدلالي مطبقاً في دراسته مبدأين أساسيين هما مبدأ عدم التناقض ومبدأ السبب الكافي بغية الوصول إلى حقائق ضرورية حول ماهيات الموجودات. بهذا ارتكز علم الوجود على التحليل الاستنباطي والنحوي المجرد لمفهومات مثل الوجود، والإمكان والواقع، والكم والكيف، والجوهر والعرض، والعلة والمعلول، وغيرها. وظهر اتجاه معارض لهذا في النظريات المادية عند هوبز واسبينوزا ولوك، وعند ماديّي القرن الثامن عشر الفرنسيين، نتيجةً للمضمون الوضعي لهذه النظريات، التي كانت تقوم على أساس العلوم التجريبية، وأدى ذلك إلى تدمير موضوعي لمفهوم علم الوجود بوصفه موضوعاً فلسفياً من أسمى المراتب، أي بوصفه «فلسفة أولى». فكان نقد المثاليين الكلاسيكيين الألمان(كَنت وهيغل وغيرهما) لعلم الوجود نقداً ثنائياً: فقد عدّوا علم الوجود، من ناحية، لغواً وخالياً من أي معنى، وأتاح هذا النقد من ناحية أخرى فرصة قيام علم وجود جديد أكثر كمالاً (هو الميتافيزيقا) أو الاستعاضة عنه بالفلسفة المتعالية (كَنت)، أي بمنظومة المفهومات والمبادئ العقلية التي توجد ما قبل التجربة، أو بمذهب في المثالية المتعالية (شيلنغ) أو بالمنطق الذي فهم به هيغل\[ر\] الأنطولوجية على أنها العلم الديالكتيكي حول الماهيات المجردة المحددة.
فمع هيغل غابت ثنائية الماهية والوجود لتحل محلها ثنائية الوجود والعدم بوصفهما أطروحة ونقيضها ينجم عنهما تركيب جديد هو الصيرورة. ومن خصوصيات الجدل الهيغلي أنه يعثر في النهاية على ما كان حاضراً في البداية. فالأول هو الآخر والآخر هو الأول. وأصر هيغل على التأكيد أن الفكرة المطلقة هي وحدها الوجود الخالد لأنها تقي نفسها وتؤسس وجودها. وانتهى إلى الربط المحكم بين الوجود والعقل: «كل موجود معقول وكل معقول موجود».
أما في الفلسفة المعاصرة فقد جرت محاولات لإقامة «علم وجود جديد» على أساس مثالي موضوعي في القرن العشرين بحيث يكون موضوع الأنطولوجية الأشياء نفسها، كرد فعل إزاء انتشار التيارات المثالية الذاتية وبالمقابلة مع الميتافيزيقا النقدية التي فحواها أن الفكر حاصل بذاته. وفي النظريات الجديدة في علم الوجود (الأنطولوجية المتعالية الظواهرية عند هوسرل والأنطولوجية النقدية عند ن.هارتمان، والأنطولوجية الأساسية عند هيدغر) يُعَدّ علم الوجود نسقاً من المفهومات الكلية في الوجود متصورة بمساعدة حدس فوق الحواس وفوق العقل. وقد تلقف فكرة «أنطولوجية جديدة» عدد من الفلاسفة الكاثوليك الذين يحاولون تركيب «علم الوجود» التقليدي النابع من فلسفة أرسطو مع الفلسفة الكَنتية المتعالية واستخراج علم وجود خاص بهم ضد فلسفة المادية الجدلية، التي قلما تستخدم مصطلح الأنطولوجية وإن استخدمته ففي ارتباط مع نظرية المعرفة.
5 notes · View notes
Text
Tumblr media
الأساطير البابلية
أسطورة الخلق البابلية (الإنيوما إيليش):
كتبت أسطورة الخلق البابلية على سبعة ألواح , وقد وجدت في خرائب مكتبة أشور بانيبال في قوبو نجك " نينوى" في عام 1854,وهذه الألواح نسخة من قصة انحدرت إلى بابل واشور من بلاد سومر.
وتعني "إنيوما إيليش"Enouma Elish"عندما في الأعلى , فقد كانت عادة السومريين والبابليين أن يسموا الملحمة بالعبارة الأفتتاحية في النص , والذي بدأ"بعبارة عندما في الأعلى لم تكن السماء..." ففي أول الأمر كان العماء , فلم يكن هناك سماء ولاأرض , لم يكن في الوجود إلا العماء المائي , حيث كان "أبسو" المياه العذبة يختلط بمياه "تعامة" أو "تيامات" المالحة , أخذت الآلهة بعد ذلك في الظهور , إلى أن ولد فيما بعد "آنو" الذي أصبح اله السماء , والذي أنجب بدوره"إنكي"و"إيا" إله الحكمة والفطنة , والذي أصبح فيما بعد إاله المياه العذبة , و كان له من القوة ما مكنه من السيادة على باقي الآلهة حتى على آبائه.
ما تم ترجمته من الالواح السبع
اللوح الأول:
عندما في الأعالي لم يكن هناك سماء،
وفي الأسفل لم يكن هناك أرض
لم يكن (من الآلهة)سوى آبسو أبوهم
و تعامة التي حملت بهم جميعًا
يمزجون أمواههم معًا
قبل أن تظهر المراعي وتتشكل سبخات القصب
قبل أن يظهر للوجود الآلهة الآخرون.
اللوح الثاني:
بعد أن أعدت تعامة عدتها
تهيأت لبدء الصراع مع ذريتها من الآلهة
اعدّت كل شيء انتقاما لآبسو
ولكن استعداداتها وصلت لأيا
فلما أحاط بالمسألة علمًا
أقعده الخوف وجلس في حزن عميق
وبعد أن قلب الأمر وسكنت ثائرته
مضى إلى جده أنشار
فلما صار في حضرة جده أنشار
أفضى إليه بكل ما تخطط له تعامة.
اللوح الثالث:
فتح أنشار فمه
متحدثًا إلى وزيره كاكا:
“كاكا يا وزيري الذي يفرح به قلبي
سأرسلك إلى لخمو ولخامو
فأنت واسع الادراك مجيد الحديث
ادع آبائي الآلهة للحضور إلي
وليأت جميع الآلهة
فيجلس الجميع إلى مأدبتي ونتحدث
سنأكمل خبزًا ونشرب خمرًا
وإلى مردوخ المنتقم فليسلموا مقاديرهم
اللوح الرابع:
أقاموا له منصة عرش ربانية
واتخذ مكانة قبالة آبائه لتلقي السيادة:
“أنت الأعظم شأنا بين الآلهة الكبرى
لا يدانيك أحد وأمرك من أمر آنو
ومن الآن فأمرك نافذ لا يرد
أنت المعز وأنت المذل حين تشاء
كلمتك العليا وقولك لا يخيب
مامن إله يقارب حدودك
مساكن الآلهة تستصرخ الحماية
فزينها بحضورك تجد في كل مكان ركنًا لك.
اللوح الخامس:
خلق محطات لكبار الآلهة (يستريحون بها)
أوجد لكل مثيله من النجوم
حدد السنة وقسم المناخات
0 notes
Text
الميثولوجيا
الميثولوجيا أو علم الأساطير (من اليونانية μυθολογία؛ تترجم عادة: علم الأساطير) تشير إلى مجموعة من الفلكلور/الأساطير الخاصة بالثقافات التي يعتقد أنها صحيحة وخارقة، تستخدم لتفسير الأحداث الطبيعية وشرح الطبيعة والإنسانية. الميثولوجيا تشير أيضا إلى فرع من العلوم التي تتناول جمع ودراسة وتفسير الأساطير.
الدين والميثولوجيا
لا يوجد تعريف علمي للميثولوجيا يعني ليس بالضرورة أنها كاذبة. في السياق العلمي كلمة أسطورة تعني "قصة مقدسة" أو "قصة تقليدية" أو "قصة عن الآلهة"، لكنها لا تعني "قصة مكذوبة". لذا يستخدم العلماء كلمة "أساطير دينية" بدون قصد الإساءة إلى الدين (على سبيل المثال، العالم قد يسمي الكتب الدينية المسيحية "أساطير" بدون قصد الإساءة إلى المسيحية سي. إس. لويز قال عن المسيح "إنها أسطورة لكنها وقعت" ). لكن الاستخدام العلمي لكلمة أسطورة قد يسبب سوء فهم بسبب أن الكلمة تعني في الأوساط الشعبية "باطل". وقد وردت كلمة الأساطير في عدة مواقع في القرآن حيث جاء فيه تعبير "أساطير الأولين" أي قصص الأقدمين.
الأسطورة
الأسطورة (بالإنجليزية: Myth) عبارة عن حكاية ذات أحداث عجيبة خارقة للعادة أو عن وقائع تاريخية قامت الذاكرة الجماعية بتغييرها وتحويلها وتزيينها.
وفي تعريف الأسطورة يقول كل من لابيير La Pier وفارنزورث Farnsworth "الأسطورة عبارة عن شائعة أصبحت جزءاً من تراث الشعب الشفهي، ومن الناحية اللغوية كثيراً ما نستخدم كلمة شائعة مكان أسطورة والعكس صحيح.
ووفقاً لبحث نشرته دار المعارف البريطانية  عن الانثروبولوجيا الاجتماعية عرضت للأحاديث المنقولة بأن قالت "أنها تعني حكايات الناس وأساطيرهم التي تنتقل شفاهاً من جيل إلى آخر وتُحفظ من الضياع بقوة ذاكرة الذين يتوارثونها طبقة بعد طبقة وأنه تخدم غرضين أساسيين، فهي من ناحية تحدثنا بتاريخ الشعوب، ومن زاوية أخرى فهي ثقافة تصويرية تحدد مكانة صاحبها في المجتمع الذي يعيش فيه.
مميزاتها
إجمالا
تتميز الأسطورة بمميزات إجمالية يمكن إجمالها كما يلي:
عمقها الفلسفي الذي يميزها عن الليجند أو الحكاية الشعبية.كانت الأسطورة سابقا مثل العلوم حاليا أمرا مسلما بمحتوياته.في معظم الأحيان تكون شخوص الأسطورة من الآلهة أو أنصاف الآلهة وتواجدالإنسان فيها يكون مكملا لا أكثر.تحكي الأسطورة قصصا مقدسة تبرر ظواهر الطبيعة مثلا أو نشوء الكون أو خلق الإنسان وغيره من المواضيع التي تتناولها الفلسفة خصوصا والعلوم الإنسانية عموما.
تفصيلا
الأسطورة الطقـوسية: وهي تمثل الجانب الكلامي لطقوس الأفعال التي من شأنها أن تحفظ للمجتمع رخاءه.أسطورة التكوين: وهي التي تصور لنا عملية خلق الكون.الأسطورة التعليلية: وهي التي يحاول الإنسان البدائي عن طريقها، أن يعلل ظاهرة تستدعي نظره، ولكنه لا يجد لها تفسيرًا، ومن ثم فهو يخلق حكاية أسطورية، تشرح سر وجود هذه الظاهرة.الأسطورة الرمزيةإلا أن تنوع الأساطير، يؤدي حتمًا إلى تنوع تعاريفها، لأن كل تعريف يتأثر بنوع الأسطورة، أو بنوعين أو ثلاثة أنواع، ولذا يبقى التعريف قاصرًا عن أن يكون جامعًا مانعًا.
2 - إن تنوع الأساطير أدى إلى تنوع المناهج التي تتناول الأساطير بالدراسة، ولهذا فقد ظهرت المناهج التالية:
المنهج اليوهيمري الذي يعد من أقدم تلك المناهج، ويرى الأسطورة قصة لأمجاد أبطال وفضلاء غابرين.المنهج الطبيعي الذي يعتبر أبطال الأساطير ظواهر طبيعية، ثم تشخيصها في أسطورة، اعتبرت بعد ذلك قصة لشخصيات مقدسة.المنهج المجازي بمعنى أن الأسطورة قصة مجازية، تخفي أعمق معاني الثقافة.المنهج الرمزي بمعنى أن الأسطورة قصة رمزية، تعبر عن فلسفة كاملة لعصرها، لذلك يجب دراسة العصور نفسها لفك رموز الأسطورة.المنهج العقلي الذي يذهب إلى نشوء الأسطورة نتيجة سوء فهم ارتكبه أفراد في تفسيرهم، أو قراءتهم أو سردهم لرواية أو حادث.
التحليل النفسي الذي يحتسب الأسطورة رموزًا لرغبات غريزية وانفعالات نفسية. وإن علم الأساطير، حتى الآن، لم يصل إلى مرحلة النضج التي تؤهل مدارسه المتنافرة، المتعارضة للاندماج.
3 - إن للأسطورة جوانب متعددة ومتنوعة، فهي إن صح التعبير - كما وصفها البعض أنها متاهة عظمى، فلذا نجد الكثير ينطلق في تعريفه متأثرًا بجانب أو عدة جوانب منها فتبدو التعريفات قاصرة، وقد نجد العكس حيث يلجأ البعض إلى تعابير فضفاضة تمتاز بالتعمية والمطاطية إلى حد يفقدها الدقة والتشخيص والتمييز.
4 - إن للأسطورة خاصية الشعر الذي يكاد يظل عصيا على أي وصف محدد، ولعل صعوبة الحد والتعريف كامنة في المطلق الذي تنزع إليه الأسطورة أو الذي ينزع إليه الإنسان من خلال الأسطورة، كما قد يكمن في كونها على حد تعبير بعضهم نظاما رمزيًا، وفي أن المنهج أو المنظور الذي يتعين النظر إليه منها لا ينبغي أن يكون جزئيًا انتقائيًا حيال هذه الحقيقة الثقافية المعقدة. ناهيك عن إننا لم نمر بتجربة الأسطورة مرورًا مباشرًا، عدا بعض منها، وهو بعض مشوش الأصل، متلون الشكل، غامض المعنى، والظاهر أنها على الرغم من امتناعها على التفسير العقلاني، تستدعي البحث العقلاني الذي تعزى إليه شتى التفسيرات المتضاربة، والتي ليس فيها، على كل حال، ما يستطيع تفسير الأسطورة تفسيرًا شافيًا.
5 - إن القدماء أنفسهم لم يعملوا على تمييز النص الأسطوري عن غيره، ولأهم دعوه باسم خاص يساعدنا على تمييزه بوضوح بين ركام ما تركوه لنا من حكايات وأناشيد وصلوات وما إليها. ففي بيوت الألواح السومرية والبابلية، نجد أن النصوص الأسطورية مبعثرة بين البقية. ثم أن عنوان الأسطورة غالبًا ما كان يتخذ من سطره الافتتاحي الأول، شأنه في ذلك شأن بقية النصوص الطقسية أو الملحمية أو الأدبية البحتة. وهذا ما حدث في التراث الإغريقي كذلك.
الخرافة
فالخرافة هي الحديث المستملح المكذوب الغير حقيقي، وقالوا حديث خرافة، ذكر ابن الكلبي قولهم حديث خرافة، أن خرافة رجل من بني عذرة، أو من جهينة، اختطفته الجن، ثم رجع إلى قومه، فكان يحدث بأحاديث مما رأى يعجب منها الناس فكذبوه، فجرى على السن الناس، وروى عن النبي محمد صلى الله عليه وأله وسلم أنه قال: (وخرافة حق) وفي حديث عائشة قال لها حدثيني، قالت ما أحدثك حديث خرافة والراء فيه مخففة ولا تدخله الألف واللام لأنه اسم خرافة معرفة، وتوضع أل الخرافة أو الخرافات إذا أرادوا الخرافات الموضوعة من حديث الليل، أجروه على كل ما يكذبونه من الأحاديث وعلى كل ما يستملح ويتعجب منه وراوي الخرافة والمستمع إليها على حد سواء يعرفان منذ البداية، أنها تقص أحداثًا، لا تلزم أحدًا بتصديقها، أو الإيمان برسالتها.وهي تختلف عن الأساطير في أن الخرافة تناقلها الناس بلغتهم الدارجة، في الوقت الذي احتفظت فيها الأساطير بلغة فصيحة. كما أن الأسطورة ترجع إلى ما قبل الأديان، أما الخرافة فقد ظهرت بعد الوثنية، ولذا يغلب عليها الطابع التعليمي والتهذيبي والبطل في الحكاية الخرافية يكون نموذجًا متخيلًا بعيدًا عن الواقع إلى درجة لا يصلح لأن يكون مثالًا يحتذى به على أي صعيد. فالمزج الصبياني بين اللامعقول والواقع، يتميز في الجني الذي لا يعرف من أي مكان يأتي عندما يفرك علاء الدين المصباح، وبعد أن ينهي مهمته، يرجع ولكن لا يعرف إلى أين ويقصد بها الإمتاع والمؤانسة. ولكنها ذات بنية معقدة، فهي تسير في اتجاهات متداخلة، ولا تتقيد بزمان حقيقي أو مكان حقيقي.
الحكاية البطولية
أما الحكاية البطولية، فهي تتسم ببعض ما تتسم به الخرافة من إغراق في الخيال، وبعدها عن الواقع، إلا أن لها أصلًا في الحقيقة الموضوعية، ضخّم وبولغ فيه، وعمل الخيال البشري الخلاق عمله، غير أنه خال من طابع الجد والقداسة، فهي قصص دنيوية وغير مقدسة، ومحددة تحديدًا زمانيًا ومكانيًا، وهو ما يبرر قيام الباحث، بالعملية العكسية، أي الصعود من الأدب إلى الأسطورة.
وأن البطل فيها، ولما يملك من القوة الخارقة ولما يقوم به من تصرفات فروسية، يشكلصورة مثالية عن الإنسان، وعن ما هو إنساني، يستثير الرغبة في السامع إلى تحقيق هذه الصورة المثالية.
الحكاية الشعبية
وهناك الحكاية الشعبية التي يميزها هاجسها الاجتماعي بشكل رئيسي عن الحكاية الخرافية والحكاية البطولية، فموضوعاتها تكاد تقتصر على مسائل العلاقات الاجتماعية والأسرية منها خاصة، مثل زوجة الأب وحقدها، وغيرة الأخوات في الأسرة من البنت الصغرى التي تكاد تكون في العادة الأجمل والأحب…الخ.
والحكاية الشعبية واقعية إلى أبعد حد وتخلو من التأملات الفلسفية والميتافيزيقية، مركزة على أدق التفاصيل وهموم الحياة اليومية، وهي رغم استخدامها لعناصر التشويق، إلا أنها لا تقصد إلى إبهار السامع بالأجواء الغريبة، أو الأعمال المستحيلة، ويبقى أبطالها أقرب إلى الناس العاديين الذين نصادفهم في سعينا اليومي، وأن البطل فيها يلجأ إلى الحيلة والفطنة والشطارة للخروج من المأزق.
إن استخدام العناصر الخيالية - في بعض الأحيان - يهدف إلى التشويق والإثارة. أما بنيتها فتمتاز بالبساطة، فهي تسير في اتجاه خطي واحد وتحافظ على تسلسل منطقي، ينساب في زمان ومكان حقيقي، ولها رسالة تعليمية، تهذيبية، وذلك مثل جزاء الخيانة، فضل الإحسان، مضار الحسد، التي تتضمن رموزًا تتطلب التفسير، ومن المؤكد أن هذه الأساطير قد ألفت في مرحلة فكرية أكثر نضجًا ورقيًا.
تصنيفات أخرى للأسطورة
الدكتور أحمد كمال زكي قسم الأسطورة إلى أربعة أنواع هي:
الأسطورة الطقوسية.الأسطورة التعليلية.الأسطورة الرمزية.التاريخسطورة، وهي تاريخ وخرافة معًا.
هذه التقسيمات تتناول الأسطورة قديما،
فنحن الآن في هذا العصر نمتلك نوعًا جديدًا من الأساطير،
ذلك هو الأسطورة السياسية،
التي لعبت وتلعب دورًا في صناعة الأيديولوجيات التي تخدم أغراضها، بخلقها الوعي الزائف، باعتمادها على الظلال السحرية للكلمة.
Tumblr media
0 notes
Text
Tumblr media
أسطورة"أترا-حاسس":
اعتاد الكتبة البابليون عند كتابة انواع معينة من الالواح اضافة ملاحظة نهائية الى محتويات ماكتب سابقاً . وهذا هو تقليد كان سارياً عند امناء المكتبات البابلية ( والذي نسميه اليوم بالخلاصة ) ..... وهذا بدوره ساعد العلماء بوقتنا الحاضر وخاصة علماء السومريات والآشوريات , لانه من خلاله يمكنهم تحديد الالواح وتصنيفها حتى وان اجزاء فقدت منها .... وقد وجد هذا التصنيف في اللوح الثاني من ملحمة اتراحاسس والتي تعود للعصر البابلي القديم والذي يحتوي على 439 سطراً بخط اليت آيا , مساعد الكاتب .
ومن خلال هذا اللوح تم تحديد تاريخ كتابته وهي في نهاية العام الحادي عشر من حكم الملك آمي صدوقا (1692 ق.م. ). وتتألف الملحمة من 1245 سطراً وهي تتكون من ثلاثة الواح .... وبامكاني عرض ماكان قد دوّن في هذه الالواح وخاصة ما كتب عن قصة الطوفان :
اللوح الأول :
\[ بعد ان خلق العالم شعر الالهة بالحاجة الى من يتولى مسؤوليته . لذا طلبوا من الالهة الام مامي ( والتي تسمى نن هورسانكا ) - سيدة الجبل - ومن الالهة ننتو - السيدة التي تلد - , ان تخلق لولو , الانسان الاول لكي يتحمل عبء هذا العالم وتلبية لمشيئة الالهة تقّدر ذبح اله صغير ومزج لحمه ودمه بالطين ويصاغ منه الانسان ... وهكذا ولد البشر وأسست المدن واقيمت الملكية \]
اللوح الثاني :
\[غير ان سكان الارض اصبحوا كثيريين جداً وصاخبين جداً حتى ان الاله (انليل ) , المعبود الرئيسي , انزعج من صخبهم ودعا مجلس الالهة الى الاجتماع وابلغهم بقراره وهو معاقبة الانسان باحداث المجاعة والجفاف والبلايا الاخرى , وبعد ان عجزت هذه عن اصلاح الانسان , اختار انليل العقوبة القصوى وهي ابادة البشر بالطوفان . حيث تدخل بعض الالهة لمصلحة الانسان وكان ابرزهم انّكي الحكيم والاله الطيب الذي ادرك ان حكم انليل كان سيفاً ذو حدين اذ كيف يكون حال الالهة اذا لم يبق بشر يقدمون لهم الاضاحي ؟ ويستطيع انّكي اقناع انليل بقيادة الطوفان نيابة عنه . وهكذا يستطيع ان رجل واحد مع عائلته دون ان يعرف انليل . ثم يتوجه الى اترحاسس , ملك شروباك الورع ليحذره ... لانه هو هذا الرجل \]
اللوح الثالث :
\[ فتح اترحاسس فمه وتحدث الى سيده انّكي متوسلاً اليه ان يوصل رسالته . غير ان انّكي لايستطيع ان يبوح للانسان باسرار الالهة زملائه , لذا فانه يتحدث بدلاً من ذلك الى جدار القصب في بيت اتراحاسس . وهكذا يبلغ الملك ان يدمر بيته ويبني سفينة ويستخف بالسلع ويحتفظ بمعنوية عالية ..... وهكذا صنعت السفينة وفق تعليمات انّكي . ويصعد اتراحاسس وعائلته الى ظهر السفينة مع صناعها وممتلكاتهم ووحوش البرية وبعض الحيوانات .... ويحل الطوفان المدمر الى ابادة البشر عدا من لجأوا الى السفينة , بفضل حيطة وحكمة الاله الطيب انّكي
0 notes
Text
Tumblr media
الأركيولوجيا
الأركيولوجيا : (Archaeology) \[أو علم الآثار
علم الآثار هو علم يختص بدراسة البقايا المادية التي خلفها الإنسان ويبدأ تاريخ دراسة علم الآثار ببداية صنع الإنسان لأدواته ( القواطع والادوات القاطعه)، وربما سمي علم العاديات نسبة إلى قبيلة عاد البائدة،  وهو دراسة علمية لمخلّفات الحضارة الإنسانيةالماضية. وتدرس فيه حياة الشعوب القديمة. وتشمل تلك المخلفات أشياء مثل: المباني والعمائر، والقطع الفنية، والأدوات والفخار والعظام. وقد تكون بعض الاكتشافات مثيرة، مثل قبر فيه حُلي ذهبية، أو بقايا معبد فخم. إلا أن اكتشاف قليل من الأدوات الحجرية أوبذور من الحبوب المتفحمة، ربما يكشف بشكل أفضل عن جوانب كثيرة من حياة الشعوب. وتوثيق أنواع الأكل المستخدمة قديما، ما يكشف أوجه الشبه بين حياة أولئك القوم وحياتنا الحالية. وما يكتشفه عالم الآثار، بدءًا من الصروح الكبيرة وانتهاء بالحبوب، يسهم في رسم صورة عن معالم الحياة في المجتمعات القديمة. إن البحث الآثاري هو السبيل الوحيد لكشف حياة المجتمعات التي وُجدت قبل اختراع الكتابة منذ خمسة آلاف عام تقريبًا. كما أن البحث الآثاري نفسه يشكِّل رافدًا مهمًا في إغناء معلوماتنا عن المجتمعات القديمة التي تركت سجلات مكتوبة.
تصنيف علم الآثار
يُعدُّ علم الآثار في القارة الأمريكية، فرعًا من علم الإناسة (الأنثروبولوجيا) وهي دراسة الجنس البشري وتراثه الفكري والمادي. ويرى علماء الآثار في أوروبا أن عملهم هذا يرتبط ارتباطًا وثيقًا بميدان علم التاريخ، غير أن علم الآثار يختلف عن علم التاريخ من جهة أن المؤرخين يدرسون، بصورة رئيسية مسيرة الشعوب استنادًا إلى السجلات المكتوبة. يتطلع علماء الآثار إلى معرفة الكيفية التي تطورت بها الحضارات، وإلى معرفة المكان والزمان الذين حدث فيهما هذا التطور. وكذلك يبحث هؤلاء ـ شأنهم شأن دارسي العلوم الاجتماعية ـ عن أسباب التغيرات الأساسية التي جعلت الناس في العالم القديم، يتوقفون عن الصيد ـ مثلاً ـ ويتحولون إلى الزراعة. ويطوِّر آثاريون آخرون نظريات تتعلق بالأسباب التي حدت بالناس لبناء المدن وإقامة الطرق التجارية. وبالإضافة إلى ذلك يبحث بعض علماء الآثار عن الأسباب الكامنة وراء سقوط المدنيات السابقة، كحضارة المايا في أمريكا الوسطى، وحضارة الرومان في أوروبا.
مواد علم الآثار والدليل الأثري
يدرس علماء الآثار أي دليل يمكن أن يساعدهم على فهم حياة الناس الذين عاشوا في الأزمنة القديمة منذ فجر الإنسان الأول وإلى فترتنا التي نعيش(العالم المعاصر). وتتراوح الأدلة الأثرية بين بقايا مدينة كبيرة، وبعض قطع الحجارة، التي تدل على صناع الأدوات الحجرية منذ أزمان بعيدة.ويمكن ذكرالأنواع الأساسية للدليل الأثري وهي
اللقى المصنوعة المنقولة
أو المعثورات المصنوعة، هي المواد التي صنعها الإنسان ويمكن أن تنقل من مكان إلى آخر دون إحداث تغيير على مظهرها. وهي تشتمل على مواد مثل المشغولات الحجرية كالنّصال والآواني ومشغولات الزينة كالخرز. كما يمكن أن تشتمل ـ بالنسبة إلى مجتمع ذي تاريخ مكتوب ـ على الألواح الطينية وعلى سجلات أخرى مكتوبة
اللقى المصنوعة الثابتة
تتألف بصورة رئيسية، من البيوت والحُفر والمقابر وقنوات الري، ومنشآت عديدة أخرى، قامت ببنائها الشعوب القديمة. وخلافًا للأدوات، فإنه لا يمكن فصل اللقى الثابتة (الظواهر) عن محيطها، دون أن يحدث تغيير في شكلها.
اللقى الطبيعية
هي المواد الطبيعية التي توجد جنبًا إلى جنب مع الأدوات والمصنوعات الثابتة. وتكشف هذه المعثورات طريقة تفاعل الناس في العصور القديمة مع محيطهم. وتشتمل اللقى الطبيعية ـ على سبيل المثال ـ على البذور وعظام الحيوانات.
الموقع الأثري
هو المكان الذي يضم الدليل الأثري. ولفهم سلوك الناس الذين شغلوا موقعًا أثريًا، لابدّ من دراسة العلاقات بين الأدوات المصنوعة والعمائر واللقى الطبيعية، التي اكتشفت في ذلك الموقع الأثري. فمثلاً اكتشاف رؤوس رماح حجرية قرب عظام نوع من الجواميس المنقرضة في موقع ما في ولاية نيو مكسيكو، يبين أن تلك الجماعات البشرية المبكرة، كانت تصطاد الجواميس في تلك المنطقة.
جمع المعلومات الأثرية
يستخدم علماء الآثار تقنيات ووسائل خاصة لجمع الدليل الآثاري جمعًا دقيقًا ومنهجيًا، ويحتفظون بسجلات تفصيلية عن المعثورات الأثرية، لأن التَّنقيب الآثاري المفصل يتلف البقايا الأثرية موضع البحث.
تحديد الموقع
تحديد الموقع الأثري هو الخطوة الأولى، التي يجب على عالم الآثار القيام بها. وربما تكون المواقع الأثرية موجودة فوق سطح الأرض، كما قد تكون تحت سطح الأرض، أو تحت الماء. وتشتمل المواقع الموجودة تحت الماء على سفن غارقة، أو مدن بأكملها غمرتها المياه نتيجة تغيرات طرأت على سطح الأرض أو على مستوى الماء. وقد يتم تحديد بعض المواقع الأثرية بسهولة، لأنها تُشاهَد بالعين المجردة، أو يمكن تعقب أثرها من خلال الأوصاف التي وردت عنها في المرويات القديمة، أو السجلات التاريخية الأخرى. وهناك مواقع أثرية، أقل وضوحًا قد تكتشف بالصدفة
مسح منطقة
يستخدم علماء الآثار مناهج علمية للعثور على المواقع الأثرية. والطريقة التقليدية لاكتشاف جميع المواقع الأثرية في منطقة ما، تتم من خلال المسح سيرًا على الأقدام. بحيث يتباعد الآثاريون بعضهم عن بعض بمسافات معينة، ويسيرون في اتجاهات مرسومة. وكان كل فرد يبحث عن الدليل الآثاري، وهو سائر إلى الأمام. ويستخدم الآثاريون هذه الطريقة عندما يرغبون في تمييز المنطقة، التي تضم مواقع أثرية عن تلك التي لا يوجد فيها مثل هذه المواقع. فمثلاً يمكنهم استخدام هذه الطريقة، للتأكد من أن المواقع الأثرية لمنطقة معينة موجودة في قمم التلال وليس في الوديان. ويتَّبع علماء الآثار طرقًا علمية للمساعدة على كشف المواقع الأثرية الموجودة تحت السطح. فالتصوير الجوي، مثلاً، يُظهر اختلافات في نمو النباتات التي تشير بدورها إلى وجود دليل آثاري. فالنباتات الأطول في بقعة من الحقل قد تكون مزروعة فوق قبر قديم، أو فوق قناة للري. أما النباتات الأقصر الموجودة في بقعة أخرى من الحقل، فقد تكون مزروعة في أرض ضحلة فوق عمارة قديمة أو طريق. وبالإضافة إلى ذلك تستخدم كواشف معدنية، لمعرفة ما إذا كانت هناك أدوات معدنية، سبق أن دُفنت في الأرض على عمق لا يزيد على 180سم.
مسح الموقع
أول مرحلة من مراحل الدراسة لموقع ما، هي وصف هذا الموقع. فيسجل هؤلاء ملاحظات تفصيلية حول مكان الموقع، ونوع الدليل الآثاري الشاخص على سطحه. كما يلتقطون صورًا لهذا الموقع. ويقوم الآثاريون برسم خرائط لمعظم المواقع الأثرية التي يتم اكتشافها. ويعتمد نوع الخريطة المرسومة على أهمية الموقع وأهداف الدراسة ومقدار الوقت والمال المتوافرين. ويَعْمد هؤلاء ـ في بعض الأحيان ـ إلى رسم خرائط مبسطة بعد أن تتم عملية قياس الأبعاد، سواء بالخطوات أو باستخدام شريط القياس. وتستخدم في حالات أخرى، أدوات خاصة لمسح الموقع الأثري بعناية، ولرسم خرائط تفصيلية له. وبعد رسم الخريطة يجمع العلماء بعض الملتقطات الموجودة على سطح الموقع الأثري. ثم يقومون بتقسيم السطح إلى مربعات صغيرة، ودراسة كل مربع على حدة. وبعد ذلك يسجلون على الخريطة المواضع التي وجدت فيها الأدوات. ويمكن أن تُقدِّم لنا أماكن الملتقَطات السطحية معلومات عن زمان وكيفية استخدام الموقع. هنالك مجموعة من الطرق المستخدمة في المسح الاثري منها: طريقة المسح السيزمي (المسح بالموجات الزلزالية).
تنقيب الموقع
ينقب الآثاريون بحذر بحثًا عن المواد المدفونة في عملية تدعى بالتنقيب الآثاري، وتعتمد طريقة التنقيب الآثاري جزئيًا على نوع الموقع. فمثلاً يمكن للآثاريين الذين يعملون في كهف، أن يُقسِّموا أرضية الكهف والبقعة الموجودة أمامه إلى وحدات على شكل مربعات صغيرة. ومن ثم ينقبون في كل وحدة على انفراد. وقد يحفر الآثاريون، الذين يعملون في رصيف معبد، خندقًا أمام الرصيف، ومن ثم يمدون الخندق نحو الأرض المجاورة للرصيف. وفي المواقع الكبيرة يمكن حصر التنقيب في أجزاء معينة من الموقع، كما أن هناك اعتبارات أخرى تقرر في الأغلب منهج التنقيب الآثاري، مثل المناخ وتربة الموقع. وتتباين الأدوات التي تستخدم في الحفريات بين الجرَّارات والآليات الثقيلة الأخرى والمحافير الصغيرة والفُرش. وفي بعض الحالات يقوم الآثاري بغربلة التربة للحصول على اللقى الصغيرة. وفي حالات أخرى يقوم بتحليل التربة في المختبر، لاكتشاف البذور وحبوب اللقاح أو أية تحولات كيميائية، نتجت عن المخلفات البشرية.
تنقيب تحت الماء
يستخدم الآثاريون الذين يعملون تحت الماء طرقًا عديدة، تم اقتباسها من علم الآثار الأرضي. وقد يكشف التصوير الجوي، فوق مياه صافية المعالم الرئيسية لموانئ أو مدن مغمورة. ويساعد استخدام المسح السوناري، الذي يعتمد على الموجات الصوتية على كشف المواد المغمورة تحت الماء. ويستخدم الغواصون، أيضًا أجهزة كشف معدنية خاصة بكشف المواد المعدنية. ويمكن رسم الخرائط التصويرية للمواقع من الغواصات، أو من قِبل الغواصين الذين يحملون آلات للتصوير تحت الماء. ويعمل الآثاريون في مواقع تحت الماء، وهم داخل حجرات عازلة للضغط، وصالحة للعمل تحت الماء. وتُستخدم البالونات لرفع المعثورات الكبيرة إلى سطح الأرض بغية دراستها بصورة أوسع ودقة أكثر.
التوثيق
تسجيل الدليل الآثاري والاحتفاظ به من أهم مراحل العمل حيث يقوم الآثارين بوصف وتصوير وإحصاء اللقى. ثم يقومون بتصنيفها إلى مجموعات وفقًا لأنواعها ومواقعها. فمثلاً يُحتفظ بالقطع الفخارية، التي تسمى أحيانًا الفِلَق أو الكِسَر الخزفية، من كل وحدة من وحدات التنقيب، ومن كل طبقة فيها، في مجموعات منفصلة، ثم تنقل إلى المختبر الميداني، لتنظف وتدوَّن عليها المعلومات الخاصة بالوحدة والطبقة التي جاءت منها. ويجب أن تبذل عناية فائقة، في المختبر الميداني، للمحافظة على الأشياء المصنوعة من مواد كالمعدن والخشب. فمثلاً المواد الخشبية المشبعة بالماء، قد تتشقق أو تفقد شكلها عندما تتعرض للهواء، ولذلك يجب الاحتفاظ بها رطبة إلى حين يتمكن الاختصاصيون من صيانتها.
تفسير اللقى
يتبع الآثاريون ثلاث خطوات أساسية في تفسير الدليل الذي يعثرون عليه وهي:
التصنيف
يمكن للآثارين تفسير اللقى الأثرية، إذا ما استطاعوا معرفة أنماط انتشار الأدوات زمانًا ومكانًا. وللوصول إلى هذه الأنماط يجب عليهم أولاً تصنيف الأدوات في مجموعات تحوي كل مجموعة معثورات متشابهة. والنظامان الأساسيان للتصنيف هما: النوعي والتتابعي (التتابع الطرزي).
التصنيف النوعي
تصنف المواد ضمن مجموعات حسب مواد صناعتها، وطرق صنعها، ووظائفها. وتدعى كل مجموعة من هذه اللقى نوعًا. فمثلاً تُمثِّل جميع الأواني الفخارية المتشابهة التي يعثر عليها في موقع واحد نوعًا واحدًا، في حين تُمثِّل أواني أخرى متشابهة من موقع آخر نوعًا آخر.
التصنيف التتابعي النمطي
ترتب المواد ذات النوع الواحد كلها في سلسلة تعكس التغيرات في النمط (الطراز). وهذه التغيرات إما أن تكون قد حصلت تدريجيًا مع مرور الزمن، أو نتيجة انتشار ثقافة منطقة في مناطق أخرى. وفي حالات كثيرة يجب معرفة عمر المواد لتحديد المادة الأولى والأخيرة في السلسلة.
التأريخ
لعلماء الآثار طرق مختلفة لتحديد أعمار المعثورات القديمة ويمكن تقسيم هذه الطرق إلى نوعين أساسيين هما:
التأريخ النسبي
محاولة معرفة قِدم بعض اللقى بالنسبة لبعضها الآخر. ولهذا فإن طريقة التأريخ النسبي تقدم مقارنات ولا تقدم تواريخ حقيقية. فمثلاً يستطيع علماء الآثار تحديد الأعمار النسبية للعظام التي يعثرون عليها في موقع ما، من خلال قياسهم لما تحتويه هذه العظام من الفلور، ذلك لأن الفلور في المياه الجوفية يحل محل عناصر أخرى في العظام
التأريخ المطلق
يحدد عمر المعثور بالسنوات. وهناك طرق عديدة للتأريخ المطلق. والطريقة التي تستخدم في كل حالة ترتكز بصورة رئيسية على نوعية المادة التي يحدد تأريخها. والطريقة الأوسع استخدامًا لتحديد تأريخ بقايا النباتات القديمة أو الحيوانات أو الكائنات البشرية هي التأريخ بالكربون المشع. وتعتمد هذه الطريقة على حقيقة مفادها أن الكائنات الحية كلها تمتص باستمرار نوعين من ذرات الكربون، وهما الكربون 12 والكربون 14. وتسمى ذرات الكربون 14 أيضًا بالكربون المشع، وهي ذرات غير مستقرة، وتتحول إلى ذرات نيتروجينية. ولذلك فعندما يموت كائن ما فإن نسبة الكربون 14 إلى الكربون 12 تتناقص بدرجة معينة لتصل إلى نسبة معروفة. ونتيجة لهذا يستطيع علماء الآثار حساب عمر عينة ما عن طريق قياس كميات الكربون 12 والكربون 14 المتبقية فيه. وتعد الطريقة التقليدية المتبعة في قياس الأعمار دقيقة لحساب أعمار الكائنات التي تعود إلى 50000 سنة. أما التقنية الأحدث التي تستخدم الجهاز الذي يُعرف بمعجل الجسيمات، فهي تعد طريقة دقيقة لحساب أعمار الكائنات التي يصل عمرها إلى 60000 سنة. وهذا ينطبق أيضًا حتى على أصغر العينات. يستخدم علماء الآثار تأريخ الأرجون ـ بوتاسيوم لإيجاد أعمار تكونات صخرية معينة تحوي مواد أثرية. وتحتوي هذه الصخور على البوتاسيوم 40 المشع، الذي يتحول إلى غاز الأرجون 40 بنسبة ثابتة. ويقوم العلماء بقياس كمية كل عنصر موجود ثم احتساب عمر الصخرة. وقد استخدمت هذه الطريقة لتأريخ تكونات صخرية وعظام وأدوات وُجدت بشرقي أفريقيا. وقد وُجِدَ أن عمر الصخرة حوالي مليون وثلاثة أرباع المليون سنة مما يشير إلى أن العظام والأدوات أيضًا من العمر نفسه. وأفضل طريقة معروفة لتأريخ الخشب هي التأريخ بحلقات الأشجار. وتقوم هذه التقنية على احتساب حلقات النمو السنوية الظاهرة على المقاطع العرضية للأشجار المقطوعة. ويقوم علماء الآثار بمطابقة نموذج حلقات شجرة قديمة، يُعثَر عليها في موقع ما، مع حلقات تلك المواد الخشبية القديمة لتحديد عمر الموقع. ويعتبر التأريخ بحلقات الأشجار هو الأكثر دقة في كافة مجالات التأريخ، ولكنه يُستخدم فقط مع المواد الخشبية التي لا يتجاوز عمرها حوالي 8000 سنة.
الدراسة والتحليل
يقوم علماء الآثار بدراسة الأدوات والظواهر وتحليلها بغية الحصول على معلومات مثل: كيف صنعت الأدوات وأين استخدمت. وفي بعض الأحيان يحصل العلماء على معلومات من خلال التجربة المباشرة. ففي أواسط الثمانينيات من القرن العشرين قام آثاريون من كمبردج بإنجلترا بإعادة بناء سفينة إغريقية كلاسيكية وتسمى تريريم وأبحروا بها. وبهذه الطريقة تعلموا الكثير عن صناعة السفن الإغريقية وفن الملاحة في العصور القديمة. وتساعد الأدوات والظواهر على تفسير الحياة الاجتماعية التي كانت قائمة في الأزمنة القديمة. فحجم البيوت يمكن أن يبين عدد الناس الذين كانوا يعيشون في بيت واحد. وتدل كمية الأحافير التي يُعثر عليها في أحد القبور وقيمتها، على الطبقة الاجتماعية التي ينتمي إليها الشخص المدفون. أما تقويم المعثورات الطبيعية، فيكشف عن معلومات، مثل نوع الطعام الذي كان الناس يتناولونه وما إذا كانوا ينتجون المحاصيل أو يجمعون النباتات البرية. ويمكن للمعثورات الطبيعية أن تكشف أنماط الهجرات القديمة. فوجود بذرة من الحبوب غريبة عن المنطقة مثلاً، يمكن أن يكشف عن كيفية وتاريخ انتقال المواد من مكان إلى آخر. وقد يقوِّم الآثاريون الدليل الأثري بمساعدة متخصصين في حقول أخرى. فعلماء الحيوان يساعدون في التعرف على عظام الحيوانات، وطرق الذبح التي كانت سائدة. كما يقوم علماء النبات بتحليل البذور، ليحصلوا على معلومات حول النشاطات الزراعية القديمة. ويعمل مع الآثاريين أيضًا متخصصون آخرون مثل الجيولوجيين والمعماريين والمهندسين. ويعمد المتخصصون في بعض الحالات إلى تشغيل أجهزة الحاسوب التي تيسّر عملية التقويم وتعجّل بها إلى حد كبير.
0 notes
Text
Tumblr media
الأساطير السومرية
أساطير الخلق السومرية :
تقول الأسطورة أن كل شيء كان في "نمو"Nammu , ونمو هي الألهة السومرية الأم الأولى , والمعنى الحرفي لإسمها"ماءالأم" , وهذا تشبيه صريح لولادة الكون بالولادة البشرية , واسمها يشير إلى المياه الأزلية التي ضهر منها الكون والآلهة.
كانت "نمو ساكنة" ولكنها تحركت , وبدافع الحركة والسكون كان ضهور السماء والأرض , وكانا في حالة التصاق وعناق . والسماء في الأساطير السومرية ذكر يمثله الإله "آن" وقدتزوج إلهة الأرض "كي"(KI),وسكبت الأمطار من السماء كأنها المني , فالمطر هنا يأخذ مدلولا جنسيا-فينتج عن ذللك ضهور النباتات , ويسيل الخمر والعسل/وولد لهماإله الهواء , الإله "إنليل"Enlil , وكلمة إنليل مكونة من مقطعين (إن) التي تعني السيد و(ليل) التي تعني الهواء أو الريح ويلقب بجبل الريح , بعد أن كبر إنليل فصل بين أمه وأبيه , فرفع أباه السماء "آن" إلى الأعلى, وبسط أمه الأرض "كي".
خلق الإنسان :
تقول الأسطورة أن الآلهة بدأت تشعر بالتعب , فقد وجدوا أنهم تحولوا إلى عبيد الأرض التي صنعوها , وأن الحمل صار ثقيلا , فاجتمعوا وقرروا أن يذهبوا إلى "إنكي" إله الماءوالحكمة , ليشتكوا له وليخلق لهم خدما يقومون مقامهم في حرث وسقي الأرض ورعي الماشة.
كان إنكي مضجع بعيدا في (الأبسو) , وكان نائم قرب (نمو)سيدة الماءالأزلية فاشتكوا إليها , فوضعت على راحة يديها دموع الآلهة وذهبت إلى إنكي وقالت له:"انهض يا بني من فراشك... من مضجعك واصنع كل ما هو حكيم.اخلق خدما للآلهة يحملون عنهم عناء العيش وقسوة الحياة".
وبعد أن فكر "إنكي" قرر القيام بخلق كائن لا إلهي يقوم مقام الخادم للآلهة , ثم أخذ يعلم "نمو" كيفية خلق هذا الكائن:امزجي الصلصال (لب الطين) الموجود في مياه "الأبسو" العميقة التي أقيم فيها وسأدعو الصناع الإلهيين المهرة ليكشفوا الطين ويعجنوه.اما أنت فعليك أن توجدي له الأعضاء وستعمل الإلهة ننماخ(ننخرساج) معك يدا بيد وستقف ربات الولادة الثمانية إلى جانبك لكي يتكون ويولد من الطين , قدري مصيره يا أماه وستطبع عليه ننماخ صورة الآلهة . يكون شبيها بنا في خلقه لكي يكون قريبا منا في العمل والراحةلكي لا يشعر بأنه غريب تماما وسيكون هذا المخلوق هو:الإنسان
تفتخر الإلهة "ننماخ" أمام الآلهة بأنها هي التي ستخلق الإنسان , وهي التي ستحدد الطيبمن نصيبه أو السوء , فيقول لها إنكي "سواء جعلت نصيبه الطيب أو السوء فإنني سأوازنه , وليشاهد الآلهة خلقك وخلقي وليحكموا بعد ذللك على ما نصنعه".
أخذت ننماخ حفنة من الصلصال الموجودة فوق "الأبسو" وصنعت ستة أشخاص , الأولغريب , والثاني عاهة , والثالث لا يستطيع إيقاف بوله , والرابع امرأة مشوهة , والخامس امرأة عاقرة , والسادس الرجل الخصي . فأراد إنكي أن يختبر ما صنعته ننماخ، فقدم لهم الطعام، فتناولت المرأة العاقر طعامها وكذللك فعل الرجل الخصي , فقرر إنكي لهما مصيرهما فقال "المرأة العاقر تكون وصيفة للملكة في دار النساء , والرجل الخصي يكون في خدمة الملك".
ويجىء الدور على إنكي لكي يقوم هو بعملية الخلق , فصنع إنسانا بائسا أطلق عليه اسم "أومول" و هو الشيخ الطاعن في السن والذي عيناه ذابلتان وحياته فانية..وكبده وقلبهويداه ترتجفان وقدم إنكي مخلوقه إلى ننماخ , فتحاول الأخيرة إطعام هذا الإنسان ولكن لم يقوَ حتى أن يمد له يداه , فنهرت ننماخ إنكي لأنه خلق بائسا , فجلب البؤس إلى العالم , و خلق مريضا فجلب المرض الذي سيلازم الشيوخ إلى العالم , وتتدخل الآلهة لفض الاشتباك بين إنكي وننماخ , و قاموا جميعا بخلق الإنسان الصحيح من طين المياه العميقة , وبثوا فيه الروح , و خلقوا ذكر وأنثى حتى يتكاثر من تلقاء نفسه فلا تتعب الآلهة من تكرار الخلق , فولد الذكر والأنثى أبناء كثيرين , و تكاثر هؤلاء بدورهم، و خدموا الآلهة , و كان الإنسان الضعيف يخدم الأقوياء من البشر , فزادت الشرور في الأرض وكثر الظلم.
ولمحت بعض النصوص الأسطورية الخاصة بخلق الإنسان في الدين السومري إلى خلق الإنسان بطريقة تشبه زرع البذور في الأرض , و ظهور البشر على الأرض نتيجة لهذا الزرع , و كان الإله إنليل هو الذي يقوم بهذا العمل , وذكرت أسطورة أخرى أن الإنسان كانحيوان يمشي على أربعة ويأكل كالخراف ولا يلبس الملابس.
التسلسل الأسطوري لعملية خلق العالم
في البدء كانت الألهة "نمو" ولا أحد معها،
وهي المياه الأولى التي انبثق عنها كل شي.
أنجبت الألهة "نمو" ولدا وبنتا. الأول "آن" إله السماء المذكر والثانية "كي" إله الأرض المؤنث
وكانا ملتصقين مع بعضهما وغير منفصلين عن أمهما "نمو".ثم قام "آن" بالزواج من "كي" فأنجبا بكرهما "أنليل" إله الهواء الذي كان بينهما في مساحة ضيقة لا تسمح له بالحركة."إنليل" الإله الشاب النشيط لم يطق ذلك السجن فقام بقوته الخارقة بفصل أبيه "آن" عن أمه "كي"، فرفع الأول فصار "سماء"، وبسط الثانية فصارت أرضا. ومضى يرتع بينهما.ولكن "إنليل" كان يعيش في ظلام دامس، فأنجب "إنليل" ابنه "نانا" إله القمر، ليبدد الظلام وينير الأرض."نانا" إله القمر أو"سين", أنجب بعد ذلك "أوتو" أو "شمش" إله الشمس.
وبعد أن ابعدت السماء عن الأرض، وصدر ضوء القمر الخافت وضوء الشمس الدافئ، قام :إنليل" مع بقية الألهة بخلق مظاهر الحياة الأخرى.
إنكي
أو إنقي هو أحد أهم الآلهة في الأساطير السومرية، والذي عُرِفَ فيما بعد باسم إئا أوإيا في الأساطير الأكادية والبابلية. بُدِئَت عبادته بوصفه الراعي الأكبر لإريدو في سومر، ثم انتشرت عبادته في جميع أنحاء بلاد الرافدين، وتعدتها إلى بلاد الحثيين والحوريين. كان إله الحِرَف والمِهَن والصَّنْعات والاختراعات (جَشَم)، والذكاء والحكمة (جِسْتو، وتعني حرفياً "الأذن"، وهذه علاقة قديمة بين السمع والفهم)، وهو إله المياه العذبة والخصوبة،والخَلْق (نوديمّود : نو، شبه، ديم مود، يحمل، أي "حامل الشبه"، وهو الإنسان، وهذا أصل قديم للمفهوم الديني في الأديان الإبراهيمية عن أن الإنسان خُلِقَ على صورة الرب)، أي خالق الروح والجسد، وهو الشافي المعافي من الأمراض (إله الدواء)، وهو محيي الموتى، وحامي الحضارة البشرية والوجود الإنساني. الرقم المقدس الخاص باسمه هو "40".
من غير المعروف بالضبط المعنى الحقيقي للاسم، ولكن الترجمة الأكثر شيوعاً هي "رب الأرض": حيث أن "إن" السومرية تُرْجِمَتْ كلقب يعادل معنى "رب" أو راعي؛ "كي" تعني "الأرض"؛ ولكن هناك نظريات أخرى تقول بأن كي في هذا الاسم تعود لأصل آخر، ربما كوربمعنى "تلة"، ولكن المعنى الأول أقوى.
الماعز السمكية: يعتقد أنها تجسيد لرب الحياة على الأرض وفي المياه العذبة، أو شلالات المياه العذبة الساقطة بقوة، ويعتقَد أنها تدل على منطقة الرب إيا إله الحياة. وهو تفصيل من حوض طقسي للعبادة عثر عليه في سوسة، تعود للفترةالعيلامية الوسيطة
أما اسم "إيا" فمنهم من يزعم بأنه من أصل حوري، بينما ادّعى آخرون  أنها ربما تكون من أصل سامي وربما يكون قد اشتُقَّت من الجذر "حيّ" وتعني "الحياة"، بمعنى "نبع الماء"، وهذا ما يفسّر وصفه بأنه ينبوع المعرفة السرية والسحرية للحياة والخلود. تعني "إي-ئا" بالسومرية "بيت الماء"، وقد أشير إلى أنه كان الاسم الأصلي للمزار المقدس للإله فيإريدو، الموطن الأصلي للرب الراعي إنكي.
كان السومريون يعتقدون أن إنكي فرض النظام في العالم، فملأ الأنهار بالأسماك، وعلّم البشر الزراعة.
وشملت رموز إنكي أشكال بعض الحيوانات، مثل الماعز والسمك، وتمّ دمج هذين الكائنين ضمن كائن أسطوري نصفه الأمامي يحمل رأس ماعز ورجليه الأماميتين، ونصفه الأخير هو ذيل سمكة، وسُمِّيَ بـ"عنزة الماء"، تم تطويره في العهد البابلي إلى اسم "الجدي"، وتم وسم اسمه على كوكبة برج فلكي في قبة السماء، هو برج الجدي، ويعود تاريخ تلك التسمية إلى ما قبل /1000/ ق.م. تم ذكره في مدونات بابلية فلكية تحت اسم "سُخُر.ماش". ومن ثمّ انتقل الرمز والاسم إلى تسمية مدار الجدي في النصف الجنوبي من الكرة الأرضية وربطه مع الانقلاب الشتوي لأنه كان يحدث في زمن برج الجدي في الشتاء (مع العلم أن التسمية الحالية لمدار الجدي أصبحت خاطئة مع الزمن، لأن الانقلاب الشتوي قد تغير وقته من برج الجدي إلى برج القوس خلال الألفي سنة الماضية). كل تلك الرموز والأسماء تعود بأصلها الأول إلى أحد رموز إنكي السومري.
هناك أكثر من فكرة ورأي عن إنكي وعن علاقته بالأديان الإبراهيمية اللاحقة، فيرجح البعض فكرة أن إله العبرانيين "يهوه" يستند في كثير من صفاته إلى إنكي، بينما يعارض آخرون بأن وجود معظم صفات الألوهية في إنكي القديم لا يدل بالضرورة على التأثير بصورة الإله الواحد "الله" في الأديان الإبراهيمية اللاحقة به، ويجد فريق ثالث أن هذه الصفات هي سلسلة واحدة مستمرة منذ القدم، تطورت وتجمعت من آلهة متعددة يحمل كل منها صفة أو أكثر، إلى إله واحد يحمل كل صفات الألوهية والربوبية، وهناك وجهة نظر رابعة ترى تلك الآلهة القديمة ليست أكثر من مفهوم الملائكة في الأديان الإبراهيمية (ملاك الموت، ملاك الوحي،...الخ) تتبع جميعها لإله واحد أكبر.
3 notes · View notes
Text
Tumblr media
المشاعية
المشاعية : تعد المشاعية البدائية أول نظام اقتصادي اجتماعي في التاريخ، وكانت وسائل الإنتاج التي استخدمها الإنسان بسيطة وبدائية، كما كانت مهارات العمل وخبرة الأفراد ومعرفتهم قليلة جداً. لذلك لم يكن في مقدور الأفراد مواجهة الطبيعة إلا بتجميع جهودهم وتضافرها. وقد عاش الأفراد في مشاعات قبلية متوحدين على أساس قرابة الدم، تسيطر عليهم عادات وتقاليد بسيطة. وكانت المحاصيل القليلة التي لا تكاد تفي بحاجة الإنسان توزع بين أفراد المشاعة توزيعاً متساوياً، لذلك لم يكن هناك فائض من المحاصيل يمكن انتزاعه من الآخرين، ولا تفاوتٌ اقتصاديٌّ أو علاقات استغلال في المجتمع. فكانت وسيلة الإنتاج الرئيسة هي الأرض، وسيطر الاقتصاد الطبيعي(إنتاج ـ توزيع ـ استهلاك) في هذه التشكيلة الاجتماعية الاقتصادية. وكان نمط الإنتاج تعاونياً وجماعياً. ومن أهم مراحل تطور النظام المشاعي البدائي:
ـ المجتمع ما قبل العشائري أو(القطيع البدائي).
ـ مرحلة المشاعية العشائرية وتنقسم إلى مرحلتين:
ـ المشاعية العشائرية الأمومية.
ـ المشاعية العشائرية الأبوية.
ـ المشاعية الزراعية، وفيها بدأ الإنسان مرحلة الاستقرار على ضفاف الأنهار وزراعة الأرض وتربية الماشية.
0 notes
Text
Tumblr media
المُثَقّفُ المُتَمَرّد
يعتبر المثقف المتمرد أبرز وجوه الثقافة النقدية
ومن أهم علامات الزمن الثوري المختلف لما يقدمه من إسهامات فكرية
تتسم هاذه الصفة بالعمق و الجرأة والشغب
وتمتاز عن السائد لخروجها عن المألوف وطرقها لمواضيع لطالما اعتبرها البعض من المحرمات السياسية والفكرية والدينية التي لا يبتغي التشكيك بمسلماتها وكيف لا يكون مشاغبا ، يحرك الراكد ويثير الأسئلة والتساؤلات !
و على هذا الاساس يخوض نضاله و نشاطه السياسي العملي
بالبداهة نفسها التي يمارس فيها عمله النظري
وعند الكتابة عن المثقف المتمرد ، لا يسعنا إلا أن نستحضر عبارة المفكر الشهيد مهدي عامل حين قال “إما أن يكون الفكر مناضلا أو لا يكون
وليس على الفكر وحده أن يكون مناضلا بل حامل هذا الفكر أيضا”.
0 notes